أن يطالب بما وجب لها من الحد أو التعزير لم يكن له ذلك، لان طريقة التشفي من القاذف بإقامة الحد عليه فلم يكن له ذلك كالقصاص، فإن التعن الزوج منها فقد قال الشافعي رضى الله عنه: وقعت الفرقة واختلف أصحابنا فيه على وجهين، فمنهم من قال إن كانت حاملا فللزوج أن يلاعن لان اللعان يحتاج إليه لنفى الولد عنه.
وإن كانت حائلا لم يكن له أن يلاعن لان اللعان يراد لاسقاط الحد أو لنفى الولد ولا ولد ههنا فتحتاج إلى نفيه، ولا يجب عليه الحد إلا بمطالبتها ولا مطالبة لها قبل الافاقة، فلم يكن له أن يلاعن.
وقال أبو إسحاق المروزى: له أن يلاعن سواء كانت حاملا أو حائلا، لانها إن كانت حاملا احتاج إلى اللعان لنفى الولد، وإن كانت حائلا احتاج إلى اللعان
لاسقاط الحد الواجب عليه في الظاهر كمن وجب عليه دين إلى أجل فله أن يدفعه قبل حلول الاجل، والاول أصح لان الشافعي قال " ليس على الزوج أن يلتعن حتى تطالب المقذوفة بحدها.
(مسألة) وإن قذف زوجته الصغيرة - فإن كانت لا يوطأ مثلها - كإبنة سبع سنين يعلم يقينا أنها لا توطأ وأنه كاذب ويجب عليه التعزير للكذب، وليس له أن يلاعن لاسقاط هذا التعزير لانا نتحقق كذبه فلا معنى للعان.
قال الشيخ أبو حامد ولا يقام عليه التعزير إلا بعد بلوغها، لانه لا يصح مطالبتها ولا ينوب عنها الولى في المطالبة.
وإن كانت صغيرة يوطأ مثلها كإبنة تسع سنين فما زاد صح قذفه، لان ما قاله يحتمل الصدق والكذب، ولا يجب عليه الحد بقذفها لانها ليس بمحصنة، وإنما يجب عليها التعزير، وهل للزوج أن يلاعن لاسقاط التعزير؟ فيه وجهان.
من أصحابنا من قال ليس له أن يلاعن، لان اللعان يراد لنفى النسب أو لاسقاط ما وجب عليه من الحد أو التعزير بقذفها، وذلك لا يجب قبل مطالبتها.
وقال أبو إسحاق، له أن يلاعن لاسقاط ما وجب عليه من التعزير في الظاهر وإن لم تطالب به كما يجوز أن يقدم ما وجب عليه من الدين المؤجل قبل حلوله.
وإن كانت له زوجة كتابية فقذفها لم يجب عليه الحد لانها ليست بمحصنة، ويجب عليه التعزير، وحكمه حكم الحد الذى يجب عليه بقذف المحصنة يسقط عنه