ولم يكن له نفيه بعد ذلك، ومدة الثلاث فرصة كافيه لانعام النظر واعمال الفكر والتدبر في الامر، فقد يكون في التريث أمن من الندم، ومدة الثلاث حكمها شائع
في خيار البيع وفى اختبار المصراة، وقد جاء في تأويل قوله تعالى " قال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام " أنها توضيح لمبهم " قريب " في آية الناقة من وعيدهم بالعذاب.
(والثانى)
وهو المنصوص، وهو قول ابى بكر من اصحاب احمد رضى الله عنه: لا يتقدر ذلك بثلاث، بل هو على ما جرت به العادة ان كان ليلا، فحتى يصبح وينتشر في الناس، وان كان جائعا أو ظمآن فحتى يأكل أو يشرب، أو ينام ان كان ناعسا، أو يلبس ثيابه ويسرج دابته ويركب ويصلى ان حضرت الصلاة، ويحرز ماله ان كان غير محرز، وأشباه ذلك من أشغاله، فان أخره بعد هذا كله لم يمكن له نفيه.
وقال ابو حنيفة: له تأخير نفيه يوما ويومين استحسانا، لان النفى عقيب الولادة يشق فقدر باليومين لقلته.
وقال ابو يوسف ومحمد يتقدر بمدة النفاس لانها جارية مجرى الولادة في الحكم.
وحكى عن عطاء ومجاهد أن له نفيه ما لم يعترف به فكان له نفيه كحالة الولادة.
ووجه القول الاول انه خيار لدفع الضرر المتحقق فكان على الفور كخيار الشفعة.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم " الولد للفراش " عام خرج منه ما اتفقنا عليه مع السنة الثابتة، فما عداه يبقى على عموم الحديث.
وما ذكره ابو حنيفة يبطل بخيار الرد بالعيب والاخذ بالشفعة، وتقديره بمدة النفاس تحكم لا دليل عليه، وكذلك يرد هذا على ما قال عطاء، ولا يلزم القصاص لانه لاستيفاء حق لا لدفع ضرر ولا الحمل لانه لم يتحقق ضرره.
وقالت المالكية: ان الايام الثلاثة آخر حد القلة وأول حد الكثرة (فرع)
ان كان له عذر يمنعه من الحضور لنفيه كالمرض والحبس، أو الاشتغال بحفظ مال يخاف ضيعته أو بملازمة غريم يخالف فوته أو غيبته نظرت - فان كانت مدة ذلك قصيرة فأخره إلى الحضور ليزول عذره - لم يبطل نفيه
لانه بمنزلة من علم ذلك ليلا فأخره إلى الصبح وان كانت تطاول فأمكنه التنفيذ إلى الحاكم ليبعث إليه من يستوفى عليه اللعان