وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا عبرة بالنية، والسبب فيما يخالف لفظه لان الحنث مخالفة ما عقد عليه اليمين واليمين لفظه، فلو أحنثناه على ما سواه لاحنثناه على ما نوى لا على ما حلف، ولان النية بمجردها لا تنعقد بها اليمين فكذلك لا يحنث بمخالفتها.
(فرع)
من ذهب عقله بالسكر فحلف هل ينعقد يمينه؟ وجهان، أصحهما: ينعقد للتغليظ عليه، وقد مضى بحيث ضاف له في الطلاق فارجع إليه:(فرع)
قال الصنعانى في سبل السلام في حديث عائشة الذي أخرجه البخاري موقوفا وأخرجه أبو داود مرفوعا في قوله تعالى " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " هو قول الرجل لا والله وبلى والله، قال: فيه دليل على أن اللغو من الايمان مالا يكون عن قصد الحلف، وإنما جرى على اللسان من غير إرادة الحلف وإلى تفسير اللغو بهذا ذهب الشافعي وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وغيرهما من الصحابة وجماعة من التابعين، وذهب الهادوية والحنفية إلى أن لغو اليمين أن يحلف على الشئ يظن صدقه فينكشف خلافه، وذهب طاوس إلى أنها الحلف وهو غضبان، ثم قال: وتفسير عائشة أقرب لانها شاهدت التنزيل وهي عارفة بلغة العرب.
(مسألة) قوله: وأما المكره فلا تصح يمينه، وقد استدل المصنف بحديث واثلة وأبى أمامة، وقد أوضحنا أنه يدور بين النكارة والوضع، فلا يستحق الاستدلال به، وأما الدليل الصحيح السليم الصالح للتمسك به فقوله، ولانه قول
حمل عليه بغير حق فلم يصح كما لو أكره على كلمة الكفر، وهذا صحيح إذا أجمع أهل العلم على أن من أكره على الكفر حتى خشى على نفسه الهلاك أنه لاإثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالايمان، ولاتبين منه زوجته ولا يحكم عليه بحكم الكفر هذا قول مالك والشافعي والكوفيين غير محمد بن الحسن فإنه قال: إذا أظهر الشرك كان مرتدا في الظاهر، وفيما بينه وبين الله تعالى على الاسلام، وتبين منه إمرأته ولا يصلى عليه إن مات ولا يرث أباه إن مات مسلما.
قال القرطبي: وهذا قول يرده الكتاب والسنة قال تعالى " إلا من أكره " الآية وقال " الا أن تتقوا منهم تقاة " وقال " الا المستضعفين من الرجال والنساء