إذا كلم غير المحلوف عليه بقصد إسماع المحلوف عليه فإنه يحنث.
وبهذا قال أحمد، لانه قد أراد تكليمه، ويرد عليه ماروينا عن أبى بكرة رضى الله عنه أنه كان قد حلف ألا يكلم أخاه زيادا، فلما أراد زياد الحج جاء أبو بكرة إلى قصر زياد فدخل فأخذ بنيا لزياد صغيرا في حجره ثم قال: يا أبن أخى إن أباك يريد الحج ولعله يمر بالمدينة فيدخل على أم حبيبة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا النسب الذي أدعاه - وهو يعلم أنه ليس بصحيح - وأن هذا لا يحل له، ثم قام فخرج وهذا يدل على أنه لم يعتقد ذلك تكليما.
ووجه الاول أنه أسمعه كلامه قاصدا لاسماعه فأشبه ما لو خاطبه كما قال الشاعر اياك أعنى فاسمعي يا جارة فإن ناداه بحيث يسمع فلم يسمع لتشاغله أو غفلته حنث، وقد سئل أحمد عن رجل حلف ألا يكلم فلانا، فناداه والمحلوف عليه لا يسمع قال " يحنث " لانه قد أراد تكليمه، وهذا لكون ذلك يسمى تكليما، يقال كلمته فلم يسمع، وان كان ميتا أو غائبا أو مغمى عليه أو أصم لا يعلم بتكليمه اياه لم يحنث
(١) زياد بن أبيه استلحقه معاوية بأبي سفيان بن حرب فدعى زياد بن أبي سفيان، وقد كانت أمهما - هو وأخوه أبو بكرة - سمية، جارية مهداة من النعمان بن المنذر ملك الحيرة إلى الطبيب العربي الحارث بن كلدة، وكان أبو سفيان يستريح عندها لدى مروره بالطائف ويقال انه سفح بها فأعقبت زيادا وأبو سفيان هو أبو أم المؤمنين أم حبيبه، وادعاه زياد النسب يجعله أخا لام حبيبة، الامر الذي تستنكره حتى لا يقوى على مواجهتها فيدخل بيتها بهذا النسب الزائف