وإن حلف لا يفارقه غريمه حتى يستوفى حقه منه ثم أفلس وفارقه لما يعلم من وجوب إنظار المعسر حنث، لانه فعل المحلوف عليه مختارا ذاكرا لليمين فحنث، وإن وجب الفعل بالشرع، كما لو حلف لارددت عليك المغصوب فرده حنث، وإن وجب الرد بالشرع، فإن ألزمه الحاكم مفارقته فعلى قولين
(فصل)
وإن حلف لا يفارقه حتى يستوفى حقه منه فأحاله على غيره أو أبرأه من الدين أو دفع إليه عوضا عن حقه، حنث في اليمين، لانه لم يستوف حقه.
وإن كان حقه دنانير فدفع إليه شيئا على أنه دنانير فخرج نحاسا فعلى القولين في الجاهل.
وإن قال من عليه الحق والله لا فارقنك حتى أدفع اليك مالك وكان الحق عينا فوهبنا منه فقبله حنث، لانه فوت الدفع بقبوله، وإن كان دينا فأبرأه منه وقلنا إنه لا يحتاج الابراء إلى القبول على الصحيح من المذهب، فعلى الطريقين فيمن حلف لايدخل الدار فحمل إليها مكرها.
(الشرح) إذا قال والله لافارقنك حتى أستوفى حقى منك فهرب منه لم يحنث
وبه قال أحمد.
وقد ذهب الفقهاء في هذه الصورة إلى عشر مسائل: ١ - أن يفارقه الحالف مختارا فحينث بلا خلاف، سواء أبراه من الحق أو فارقه والحق عليه لانه فارقه قبل استيفاء حقه منه.
٢ - فارقه مكرها فينظر - فإن حمل مكرها حتى فرق بينهما لم يحنث، وإن أكره بالضرب والتهديد ففيه طريقان، فمن أصحابنا من قال هي على القولين فيمن حلف لايدخل الدار، فلم يحمل وإنما ضرب حتى دخل على قدميه، وفصل بعض الحنابلة كأبى بكر فقال: يحنث بالضرب والتهديد، وفي الناسي تفصيل ٣ - هرب منه العزيم بغير اختياره فإنه لا يحنث، وبهذا قال أحمد في احدى الروايتين عنه ومالك وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأى.
وقال أحمد في الرواية الثانية يحنث لان معنى يمينه ألا تحصل بينهما فرقة وقد حصلت دليلنا أنه حلف على فعل نفسه في الفرقة، وما فعل ولا فعل باختياره فلم يحنث كما لو حلف لاقمت فقام غيره