أما الاحكام فإن الاصل في كفارة اليمين الكتاب والسنة والاجماع.
أما الكتاب فقول الله تعالى " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم " وأما السنة فما مضى آنفا من أحاديث عبد الرحمن بن سمرة وغيره من الصحابة.
وقد أجمع المسلمون على مشروعية الكفارة في اليمين بالله تعالى، والاحاديث دالة على أن الحنث في اليمين أفضل من التمادي إذا كان في الحنث مصلحة، ويختلف باختلاف حكم المحلوف عليه.
فإن حلف على فعل واجب أو ترك حرام فيمينه طاعة والتمادى مستحب والحنث معصية، والعكس بالعكس وان حلف على فعل نفل فيمينه طاعة والتمادى مستحب والحنث مكروه وان حلف على ترك مندوب فبعكس الذى قبله.
وإن حلف على فعل مباح فإن كان يتجاذبه رجحان الفعل أو الترك، كما لو حلف لا يأكل طيبا ولا يلبس ناعما ففيه عندنا خلاف.
قال أبن الصباغ في الشامل - وصوبه المتأخرون - إن ذلك يختلف باختلاف الاحوال.
وإن كان مستوى الطرفين فالاصح أن التمادي أولى لانه قال " فليأت الذي هو خير " واختلف الائمة هل تتقدم الكفارة الحنث أم تأتى بعده؟ فاستدل
القائلون بوجوب الكفارة قبل الحنث بقوله صلى الله عليه وسلم " فكفر عن يمينك ثم أئت الذي هو خير " وهذا الرواية صححها الحافظ في بلوغ المرام، وأخرج نحوها أو عوانة في صحيحه.
وأخرج الحاكم عن عائشة نحوها وأخرج الطبراني من حديث أم سلمة بلفظ " فأت الذي هو خير وكفر " لان الواو لاتدل على الترتيب إنما هي لمطلق الجمع، على أن الواو لو كانت تفيد ذلك لكانت الرواية التي بعدها " فكفر يمينك وأئت الذي هو خير " تخالفها وكذلك بقية الروايات التي حرصنا على إثباتها هنا قال ابن المنذر.
رأى ربيعة والاوزاعي ومالك والليث وسائر فقهاء الامصار غير أهل الرأى أن الكفارة تجزى قبل الحنث، إلا أن الشافعي استثنى الصيام فقال لا يجزى الا بعد الحنث وقال أصحاب الرأى " لاتجزى الكفارة قبل الحنث " وعن مالك روايتان.