وقال أبو حنيفة " يخرج من البر نصف صاع، ومن التمر والشعير صاعا على حديث عبد الله بن ثعلبة بن صغير عن أبيه قَالَ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم خطيبا فأمر بصدقة الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ شعير عن كل رأس أو صاع بر بين اثنين، وبه أخذ سفيان وابن المبارك وروى عن على وعمر وابن عمر وعائشة رضى الله عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب وهو قول فقهاء العراق كافة، لما رواه ابن عباس قال " كفر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاع من تمر وأمر الناس بذلك، فمن لم يجد فنصف صاع من بر من أوسط ما تطعمون أهليكم " أخرجه ابن ماجه.
وقال القرطبى ويخرج الرجل مما يأكل قال ابن العربي وقد زلت هنا جماعة من العلماء، فقالوا انه إذا كان يأكل الشعير ويأكل الناس البر فليخرج مما يأكل الناس، وهذا سهو بين، فإن المكفر إذا لم يستطيع في خاصة نفسه الا الشعير لم يكلف أن يعطى لغيره سواه، وقد قال صلى الله عليه وسلم " صاعا من طعام: صاعا من شعير " ففصل ذكرهما ليخرج كل أحد فرضه مما يأكل، وهذا مما لاخفاء فيه وقال مالك إن غدى عشرة مساكين وعشاهم أجزأه، وقال الشافعي لا يجوز أن يطعمهم جملة واحدة لانهم يختلفون في الأكل، ولكن يعطى كل واحد مدا وروى عن علي عليه السلام " لا يجزى إطعام العشرة وجبة واحدة " يعنى غداء دون عشاء أو عشاء دون غداء، فإذا لم يجد إلا مسكينا واحدا ردد عليه في كل
يوم تتمة عشرة أيام، وبهذا قال أحمد وأبو ثور، وأجاز الاوزاعي دفعها إلى واحد، ويجوز دفعها لاهل بيت شديدي الحاجة عند أبى عبيد
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل)
وإن أراد أن يكفر بالكسوة كسا كل مسكين ما يقع عليه اسم الكسوة من قميص أو سراويل أو إزار أو رداء أو مقنعة أو خمار، لان الشرع ورد به مطلقا ولم يقدر فحمل على ما يسمى كسوة في العرف: وهل يجزى فيه القلنسوة؟ فيها وجهان
(أحدهما)
لا يجزئه لانه لا يطلق عليه اسم الكسوة (والثاني) أنه يجزئه