عدتهن كما قال (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) والمراد به في يوم القيامة والطلاق المأمور به في الطهر، فدل على أنه وقت العدة، وان كان الطلاق في وقت الحيض كان أول الاقراء الطهر الذي بعده، فإن كان في حال الطهر نظرت فإن بقيت في الطهر بعد الطلاق لحظة ثم حاضت احتسبت تلك اللحظة قرءا، لان الطلاق انما جعل في الطهر ولم يجعل في الحيض حتى لا يؤدي إلى الاضرار بها في تطويل العدة، فلو لم تحسب بقية الطهر قرءا كان الطلاق في الطهر أضر بها من الطلاق في الحيض، لانه أطول للعدة، فإن لم يبق بعد الطلاق جزء من الطهر - بأن وافق آخر لفظ الاطلاق آخر الطهر، أو قال لها أنت طالق في آخر جزء من طهرك - كان أول الاقراء الطهر الذي بعد الحيض.
وخرج أبو العباس وجها آخر أنه يجعل الزمان الذي صادفه الطلاق من الطهر
قرءا، وهذا لا يصح لان العدد لا يكون إلا بعد وقوع الطلاق فلم يجز الاعتداد بما قبله.
وأما آخر العدة فقد روى المزني والربيع أنها إذا رأت الدم بعد الطهر الثالث انقضت العدة برؤية الدم.
وروى البويطى وحرملة أنها لا تنقضي حتى يمضى من الحيض يوم وليلة: فمن أصحابنا من قال هما قولان، أحدهما تنقضي العدة برؤية الدم، لان الظاهر أن ذلك حيض، والثاني لا تنقضي حتى يمضى يوم وليلة لجواز أن يكون دم فساد فلا يحكم بانقضاء العدة.
ومنهم من قال هي على اختلاف حالين.
فالدى رواه المزني والربيع فيمن رأت الدم لعادتها فيعلم بالعادة أن ذلك حيض، والذى رواه البويطى وحرملة فيمن رأت الدم لغير عادة، لانه لا يعلم انه حيض قبل يوم وليلة، وهل يكون ما رأته من الحيض من العدة؟ فيه وجهان
(أحدهما)
أنه من العدة لانه لابد من اعتباره، فعل هذا إذا راجعها فيه صحت الرجعة، وإن تزوجت فيه لم يصح النكاح (والثاني) ليس من العدة لانا لو جعلناه من العدة لزادت العدة على ثلاثة أقراء، فعلى هذا إذا راجعها لم تصح الرجعة، فإن تزوجت فيه صح النكاح (الشرح) قوله تعالى (يتربصن بأنفسن ثلاثة قروء) يتربصن ينتظرن والتربص الانتظار.