وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هُنَا وَالْغَزَالِيُّ فِي الْعِدَدِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ أَنَّهُ حَكَى وَجْهًا أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الْقُعُودُ إلَى الْيَأْسِ ثُمَّ تَعْتَدُّ بثلاثة أشهر.
قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا الْوَجْهُ بَعِيدٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ فِي مُعْظَمِ الطُّرُقِ وَحَكَى الدَّارِمِيُّ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْ الْجُمْهُورِ.
قَالَ حَتَّى رَأَيْتُ لِلْمَحْمُودِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِ الْحَيْضِ أَنَّهَا إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا لَمْ يُرَاجِعْهَا بَعْدَ مُضِيِّ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَسَاعَتَيْنِ، وَلَا تَتَزَوَّجُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ احْتِيَاطًا لِأَمْرَيْنِ، ثُمَّ أَنْكَرَ الدَّارِمِيُّ عَلَى الْأَصْحَابِ قَوْلَهُمْ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَغَلَّطَهُمْ فِي ذلك وبالغ في ابطال قولهم
قال الدرامى: يَنْبَغِي أَنْ نُبَيِّنَ عِدَّةَ غَيْرِهَا لِنَبْنِيَ عَلَيْهَا عِدَّتَهَا، فَعِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ الْحَائِلِ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ كُلُّ قُرْءٍ طُهْرٌ إلَّا الْأَوَّلَ فَقَدْ يَكُونُ بَعْدَ طُهْرٍ، وَطَلَاقُهَا فِي الْحَيْضِ بِدْعَةٌ وَفِي الطُّهْرِ سُنَّةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَامَعَهَا فِيهِ فَبِدْعَةٌ أَخَفُّ مِنْ الْحَيْضِ، وَهَلْ يُحْسَبُ قُرْءًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فيه حسبت بقيته طهرا وَأَتَتْ بِطُهْرَيْنِ بَعْدَهُ، فَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ.
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مُضِيُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
وَقِيلَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ اُشْتُرِطَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ فَإِنْ حَسِبْنَاهُ قُرْءًا فَكَمَا لَوْ لَمْ يُجَامِعْ فِيهِ وَإِلَّا وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَطْهَارٍ بَعْدَهُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي حَيْضٍ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَطْهَارٍ.
وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ مَعَ آخِرِ اللَّفْظِ أَمْ عَقِبَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
وَهَلْ تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ مَعَ وَقْتِ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ أَمْ عَقِيبَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
وَلِلنَّاسِ خِلَافٌ فِي تُجْزِئُ الْقُرْءِ.
هَلْ هُوَ إلَى غَايَةٍ أَمْ إلَى غَيْرِ غَايَةٍ؟ وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَقَلُّ زَمَانٍ يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ فِيهِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ، بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَقَدْ بقى شئ مِنْ الطُّهْرِ فَتَعْتَدُّ بِهِ قُرْءًا ثُمَّ تَحِيضُ يوما وليلة ثم تطهر خمسة عشر، ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر خمسة عشر وَهُوَ الْقُرْءُ الثَّالِثُ ثُمَّ تَرَى الدَّمَ لَحْظَةً، وينغبى أن تنبى العدة على ما سبق، فإن طَلَّقَهَا وَكَانَ جُزْءٌ مِنْ آخِرِ لَفْظِهِ أَوْ شئ مِنْهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَقُولُ بِالْجُزْءِ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ بِلَا خِلَافٍ وَتَعْتَدُّ بِالْأَطْهَارِ بَعْدَهُ.
وَإِنْ طَابَقَ الطلاق آخر