للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا في الآية: انها للرجعية، ولان السكنى تابعة للنفقة، فلما لم تجب للمبتوتة نفقة لم يجب لها سكنى، وحجة أبى حنيفة أن للمبتوتة النفقة قول الله تعالى " ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن " وترك النفقة من أكبر الاضرار، وفي إنكار عمر على فاطمة قولها ما يبين هذا، ولانها معتدة تستحق السكنى عن طلاق فكانت لها النفقة كالرجعية، ولانها محبوسة عليه لحقه فاستحقت النفقة كالزوجة أما مذهبنا فإنه يلزمه أن يترك الموضع لها إن ضاق عليهما، فان اتسع لهما وفي الدار غرفة منفردة أو حجرة في علو الدار أو سفلها وبينهما باب مغلق سكنت فيه وسكن الزوج في الباقي، لانهما كالدارين المستقلتين المتجاورتين، وإن لم يكن بينهما باب مغلق لكن لها موضع تتستر فيه بحيث لا يراها، ومعها محرم تتحفظ به جاز، لان مع المحرم يؤمن الفساد ويكره في الجملة، لانه لا يؤمن النظر، وان لم يكن معها محرم لم يجز، لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يخلون رجل بإمرأة ليست له بمحرم، فإن ثالثهما الشيطان " وان امتنع من إسكانها أجبره الحاكم، وان كان الزوج حاضرا والمسكن لائقا فاكترت لنفسها موضعا أو سكنت في ملكها لم ترجع بالاجرة لانها تبرعت بذلك فلم ترجع به على أحد، وإن عجز الزوج عن إسكانها لعسرته أو غيبته أو امتنع من ذلك مع قدرته سكنت حيث شاءت، وكذلك الشأن في المتوفى عنها زوجها إذا لم يقم ورثته باسكانها، وهو إنما تلزمها السكنى في منزله لتحصين مائه، فإذا لم يفعل لم يلزمها ذلك وقال الشافعي في الام: بعد ذكر الآية " فذكر الله عز وجل المطلقات جملة لم يخصص منهن مطلقة دون مطلقه، فجعل على أزواجهن أن يسكنوهن من وجدهم، وحرم عليهم أن يخرجوهن وعليهن ألا يخرجن: الا أن يأتين بفاحشة مبينه فيحل إخراجهن

فكان من خوطب بهذه الآية من الازواج يحتمل أن اخراج الزوج امرأته المطلقة من بيتها منعها السكنى لان الساكن إذا قيل أخرج من مسكنه فانما قيل: منع مسكنه، وكما كان كذلك إخراجه إياها وكذلك خروجها بامتناعها من السكن فيه وسكنها في غيره، فكان هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>