للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن أصحابنا من قال: لا يجعل اللبن دليلا لانه قد يثور اللبن للرجل، فعلى هذا يوقف أمر من يرضع بلبنه كما يوقف أمره.

(فصل)

فإن ثار للبكر لبن أو لثيب لازوج لها فأرضعت به طفلا ثبت بينهما حرمة الرضاع لان لبن النساء غذاء للاطفال، فإن ثار لبن للمرأة على ولد من الزنا فأرضعت به طفلا ثبت بينهما حرمة الرضاع، لان الرضاع تابع للنسب ثم النسب يثبت بينه وبينها، ولا يثبت بينه وبين الزانى، فكذلك حرمة الرضاع (الشرح) إذا عمل اللبن جبنا ثم أطمعه الصبي ثبت التحريم به، وبهذا قال أحمد، وقال أبو حنيفة لا يحرم به لزوال الاسم، وكذلك على الرواية لاحمد القائلة بعدم ثبوت التحريم باوجور لا يثبت هنا بطريق الاولى، دليلنا أنه واصل من الحلق، ويحصل به إنبات اللحم وانشاز العظم، فحصل به التحريم كما لو شربه.

(فرع)

إذا شيب اللبن بغيره فحكمه حكم المحض الخالص الذي لا يخالطه سواه، وبهذا قال الخرقى من الحنابلة، وقال أبو بكر قياس قول أحمد أنه لا يحرم لانه وجور، وحكى المصنف عن المزني: ان كان الغالب اللبن حرم والا فلا، وهو قول أبي ثور وأبن حامد، لان الحكم للاغلب، ولانه يزول بذلك الاسم والمعنى المراد به، ونحو هذا قول أصحاب الرأى وزادو فقالوا: ان كانت النار قد مست اللبن حتى أنضجت الطعام أو حتى تغير فليس برضاع، وهذا خطأ لان اللبن متى كان ظاهرا فقد حصل شربه، ويحصل منه انبات اللحم وانشاز العظم فحرم كما لو كان غالبا وقال ابن قدامة: ان صب في ماء كثير لم يتغير به - يعنى الماء - لم يثبت به التحريم، لان هذا ليس بلبن مشوب، ولا يحصل به التغذى ولا انبات اللحم ولا انشاز العظم، وهذا خطأ لان ما تعلق به التحريم ان كان غالبا تعلق به ان كان مغلوبا، ولانه لو وضع قليل من الخمر في الماء ولو لم يغيره حرم شربه، الا إذا استبحر وتلاشى أثر الخمر.

ولان أجزاء اللبن حصلت في بطنه فأشبه لو كان لونه ظاهرا

<<  <  ج: ص:  >  >>