أنه إبنهما، لان اللبن قد يكون من الوطئ، وقد يكون من الولد (والقول الثاني) أنه لا يكون ابنهما، لان المرضع تابع للمناسب ولايجوز أن يكون المناسب إبنا لاثنين، فكذلك المرضع، فعلى هذا هل يخير المرضع في الانتساب إلى أحدهما؟ فيه قولان
(أحدهما)
لا يخير لانه لا يعرض على القافة فلا يخير بالانتساب
(والثانى)
يخير لان الولد قد يأخذ الشبه بالرضاع في الاخلاق ويميل طبعه إلى من ارتضع بلبنه، ولهذا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أنا أفصح العرب ولا فخر، بيد أنى من قريش ونشأت في بني سعد وارتضعت في بنى زهرة ولهذا يقال يحسن خلق الولد إذا حسن خل المرضعة، ويسوء خلقه إذا ساء خلقها فإذا قلنا إنه يخير فانتسب إلى أحدهما كان إبنه من الرضاعة، فإذا قلنا لا يخير فهل له أن يتزوج بنتيهما؟ فيه ثلاثة أوجه (أحدها) وهو الاصح، أنه لا يحل له نكاح بنت واحد منهما، لانا وإن جهلنا عين الاب منهما إلا أنا نحقق أن بنت أحدهما أخته وبنت الآخر أجنبية فلم يجز له نكاح واحدة منهما، كما لو اختلطت أخته بأجنبية
(والثانى)
أنه يجوز أن يتزوج بنت من شاء منهما، فإذا تزوجها حرمت عليه الاخرى، لان الاصل في بنت كل واحد منهما الاباحة وهو يشك في تحريمها واليقين لا يزال بالشك، فإذا تزوج إحدهما تعينت الاخوة في الاخرى فحرم نكاحها على التأييد، كما لو اشتبه ماء طاهر وماء نجس فتوضأ بأحدهما بالاجتهاد، فإن النجاسة تتعين في الآخر، ولايجوز أن يتوضأ به.
(والثالث) أنه يجوز ان يتزوج بنت كل واحد منهما ثم يطلقها ثم يتزوج الاخرى، لان الحظر لا يتعين في واحده منهما، كما يجوز أن يصلى بالاجتهاد إلى جهة ثم يصلى بالاجتهاد إلى جهة أخرى، ويحرم أن يجمع بينهما، لان الحظر يتعين في الجميع فصار كرجلين رأيا طائرا فقال أحدهما إن كان هذا الطائر غرابا فعبدي حر، وقال الآخر إن لم يكن غرابا فعبدي حر، فطار ولم يعلم أنه غراب ولا غيره، فإنه لا يعتق على واحد منهما لانفراده بملك مشكوك فيه، وإن اجتمع العبدان لواحد عتق أحدهما لاجتماعهما في ملكه