والجناية الذنب والجرم، وما يفعله الانسان مما يوجب عليه العقاب أو القصاص في الدنيا والاخرة، والمعنى أنه لا يطالب بجناية غيره من أقاربه وأباعده، فإذا جنى أحدهم جناية لا يطالب بها الاخر لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وجنى فلان على نفسه إذا جر جريرة يجئ جناية على قومه، وتجنى فلان على فلان ذنبا إذا تقوله عليه وهو برئ، وتجنى عليه وجانى ادعى جناية.
قال شمر: حنيت لك وعليك ومنه قوله: جانيك من يجنى عليك وقد تعدى الصحاح - فتجرب - الجرب وجنيت الثمرة أجنيها جنى، واجتنيتها بمعنى.
قال ابن سيده: جنى الثمرة ونحوها وتجناها كل ذلك تناولها من شجرتها.
قال الشاعر إذا دعيت بما في البيت قالت تجن من الجذال وما جنيت قال أبو حنيفة، هذا شاعر نزل بقوم فقرؤه صمغا ولم يأتوه به ولكن دلوه على موضعه وقالوا اذهب فاجنه، فقال هذا البيت يذم به أم مثواه واستعاره أبو ذؤيب للشرف فقال وكلاهما قد عاش عيشة ماجد وجنى العلاء لو أن شيئا ينفع
وفي الحديث إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام دخل بيت المال فقال يا حمراء ويابيضاء احمرى وابيضى وغرى غيرى هذا جناى وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه وأراد على أن يتمثل بهذا البيت الذي قاله في الجاهلية عمرو بن عدي اللحمى ابن أخت جذيمة.
أي أنه لم يتلطخ بشئ من فئ المسلمين بل وضعه مواضعه.
والجنى الثمر المجتنى مادام طريا، وفي التنزيل العزيز (تساقط عليك رطبا جنيا) وقال القائل " إنك لا تجنى من الشوك العنب " وفي حديث أبى بكر رضى الله عنه أنه رأى أبا ذر رضى الله عنه فدعاه فجنى عليه فساره.
جنى عليه أكب عليه والاصل فيه من جنأ يجنا إذا مال عليه وعطف، ثم خفف.
هذا بعض ما ألمت به من مادة " جناية " لغة واستعمالا، وشواهد وأمثالا، وآثارا وقرآنا تضفى على البحث كمالا، والله الموفق حالا ومآلا