للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللحاكم على الميت ولاية، وليس كذلك الغالب إذا غصب ماله لانه لا ولاية له عليه وهو رشيد، فوزانه أن يموت رجل ويخلف مالا وله وارث غائب، فجاء رجل وغصب ماله فللام حبس الغاصب إلى أن يقدم الغائب (فرع)

فإن كان القصاص لجماعة وبعضهم حاضر وبعضهم غائب لم يجز للحاضر أن يستوفى بغير إذن الغائب بلا خلاف، وإن كان الخلاف بين صغير

وكبير أو بين عاقل ومجنون لم يجز للكبير والعاقل أن يستوفى القصاص حتى يبلغ الصغير ويفيق المجنون، ويأذن في الاستيفاء.

وبه قال عمر بن عبد العزيز وأبو يوسف وأحمد.

وقال مالك وأبو حنيفة: يجوز للكبير والعاقل أن يستوفى قبل بلوغ الصغير وإفاقة المجنون، إلا أن أصحاب أبى حنيفة أختلفوا فيما يستوفيه، فمنهم من قال يستوفى حقه وحق الصغير والمجنون، ومنهم من قال يستوفى حقه ويسقط حق الصغير والمجنون، دليلنا أنه قصاص موروث فوجب أن لا يختص باستيفائه بعض ورثته، كما لو كان لحاضر وغائب وإذا ثبت هذا فإن القاتل يحبس إلى أن يبلغ الصغير ويفيق المجنون، وقد حبس معاوية هدبة بن خشرم في قصاص حتى يبلغ ابن القتيل، وذلك في عصر الصحابة رضوان الله عليهم فلم ينكر ذلك.

وبذل الحسن والحسين وسعيد بن العاص لابن القتيل سبع ديات فلم يقبلها فإن قيل لم لا يخلى سبيله كالمعسر بالدين.

قلنا لان تخليته تضييع فإنه لا يؤمن هربه، والفرق بينه وبين المعسر من وجوه ١ - أن قضاء الدين لا يجب مع الاعسار فلا يحبس بما لا يجب، والقصاص ههنا واجب وانما تعذر المستوفى ٢ - ان المعسر إذا حبسناه تعذر الكسب لقضاء الدين فلا يفيد بل يضر من الجانبين.

وهاهنا الحق نفسه يفوت بالتخلية لا بالحبس ٣ - انه قد استحق قتله، وفيه تفويت نفسه ونفعه، فإذا تعذر تفويت نفسه جاز تفويت نفعه لامكانه، فإن قيل فلم يحبس من أجل الغائب وليس للحاكم عليه ولاية إذا كان مكلفا رشيدا، ولذلك لو وجد بعض ماله مغصوبا لم يملك

<<  <  ج: ص:  >  >>