وأما الدية فعلى القولين، إن قلنا إن العفو لا يصح لم تجب الدية، كما لا تجب إذا عفا عنه بعد القتل، وإن قلنا يصح العفو وجبت الدية على الوكيل، لانه قتل محقون الدم ولا يرجع بما غرمه من الدية على الموكل.
وخرج أبو العباس قولا آخر أنه يرجع عليه لانه غره حين لم يعلمه بالعفو، كما قلنا فيمن وطئ أمة غر بحريتها في النكاح، وقلنا إن النكاح باطل انه يلزمه المهر ثم يرجع به على من غره في أحد القولين وهذا خطأ لان الذي غره في النكاح مسئ مفرط فرجع عليه والموكل ههنا محسن في العفو غير مفرط
(فصل)
فإن جنى على رجل جناية فعفا المجني عليه من القصاص فيها ثم سرت الجناية إلى النفس، فإن كانت الجناية مما يجب فيها القصاص كقطع الكف والقدم لم يجب القصاص في النفس، لان القصاص لا يتبعض، فإذا سقط في البعض سقط في الجميع، وإن كانت الجناية مما لاقصاص فيها كالجائفة ونحوها وجب القصاص في النفس لانه عفا عن القصاص فيما لاقصاص فيه فلم يعمل فيه العفو (الشرح) خبر زيد بن وهب أخرجه أبو داود في سنته، وخبر عبد الله بن مسعود وقول عمر له " كنيف ملئ علما.
ساقه الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الاعمش عن زيد بن وهب وساق له شاهدا آخر عن معن بن عيسى، حدثنا معاوية ابن صالح عن أسد بن وداعة أن عمر ذكر ابن مسعود فقال: كيف ملئ علما آثرت به أهل القادسية.
وقوله " كنيف " تصغير كنف والكنف وعاء من أدم يكون فيه أداة الراعى
وتصغيره للتنظيم كما قالوا دويهية، والاحسن في هذا أنه يعنى الصغر والحقارة لان ابن مسعود رضى الله عنه كان دميم الخلقة قصيرا.
قبل يكاد الجلوس يوارونه من قصره.
هكذا أفاده ابن بطال أما الاحكام فإذا كان القصاص لجماعة فعفا بعضهم عن القود سقط القود عن القاتل لقوله صلى الله عليه وسلم " فأهله بين خيرتين " ان أحبوا قتلوا وان أحبوا أخذوا الدية " وهؤلاء لم يحبوا لان فيهم من لم يحب.
وروى أن رجلا قتل رجلا وأراد ورثة المقتول أن يقتصوا فقالت زوجة القاتل وكانت أخت المقتول