مما يجعل له بالكسب، فهل للحاكم أن يحجر عليه إذا سأله الغرماء ذلك؟ حكى المصنف في ذلك قولين، وحكاهما الشيخ أبو حامد وابن الصباغ وجهين
(أحدهما)
لا يجوز الحجر عليه بل يأمره الحاكم بقضاء الدين على ما بيناه، لان الحجر انما يكون على المفلس وهذا ليس بمفلس، لانه ملئ بالدين.
(والثانى)
يحجر عليه، لان الظاهر من حاله أن ماله يعجز عن الوفاء بديونه والحجر يجوز بالظاهر، ألا ترى أن السفيه يجوز الحجر عليه، لان الظاهر من حاله التبذير والاسراف، وإن كان يجوز أن لا يبذر قال المصنف رحمه الله:
(فصل)
والمستحب أن يشهد على الحجر ليعلم الناس حاله فلا يعاملوه إلا على بصيرة، فإذا حجر عليه تعلقت ديون الغرماء بماله ومنع من التصرف فيه، فان افترض أو اشترى في ذمته شيئا صح لانه لا ضرر على الغرماء فيما يثبت في ذمته ومن باعه أو أقرضه بعد الحجر لم يشارك الغرماء في ماله، لانه ان علم بالحجر فقد دخل على بصيرة، وان ديون الغرماء متعلقة بماله، وان لم يعلم فقد فرط حين دخل في معاملته على غير بصيرة فلزمه الصبر إلى أن يفك عنه الحجر، فان تصرف في المال بالبيع والهبة والعتق ففيه قولان
(أحدهما)
أنه صحيح موقوف لانه حجر ثبت لحق الغرماء فلم يمنع صحة التصرف في المال، كالحجر على المريض
(والثانى)
لا يصح وهو الصحيح لانه حجر ثبت بالحاكم فمنع من التصرف في المال كالحجر على السفيه، ويخالف حجر المريض لان الورثة لا تتعلق حقوقهم
بماله الا بعد الموت، وهنها حقوق الغرماء تعلقت بماله في الحال فلم يصح تصرفه فيه كالمرهون، فان قلنا يصح تصرفه وقف، فان وفى ماله بالدين نفذ تصرفه، وإن لم يف فسخ، لانا جوزنا تصرفه رجاء أن تزيد قيمة المال أو يفتح عليه بما يقضى به الدين، فإذا عجز فسخ كما تقول في هبة المريض قال أصحابنا: وعلى هذا ينقض من تصرفه الاضعف فالاضعف فأضعفها الهبة