وقال أبو الفياض البصري: إن كانت الحديدة سكينا قاطعة وجب الضمان على واضع السكين، دون واضع الحجر، لان السكين القاطع موح، وان كانت غير قاطع وجب الضمان على واضع الحجر، والاول هو الصحيح، لان الواضع هو المباشر.
وإن حفر بئرا في طريق لا يستضر به الناس فإن حفرها لنفسه كان حكمه حكم الطريق الذى يستضر الناس بحفر البئر فيه، لانه لا يجوز أن يختص بشئ من طريق المسلمين، وإن حفرها لمصلحة الناس فإن كان بإذن الامام فهلك به إنسان لم يضمن، لان ما فعله بإنذن الامام للمصلحة جائز فلا يتعلق به الضمان، وإن كان بغير إذنه ففيه وجهان
(أحدهما)
أنه لا يضمن لانه حفرها لمصلحة المسلمين من غير إضرار فصار كما لو حفرها بإذن الامام
(والثانى)
أنه يضمن لان ما تعلق بمصلحة المسلمين يختص به الامام، فمن افتات عليه فيه كان متعديا فضمن من هلك به.
وإن بنى مسجدا في موضع لاضرر فيه، أو على قنديلا في مسجد أو فرش فيه حصيرا من غير إذن الامام فهلك به إنسان فهو كالبئر التى حفرها للمسلمين.
وإن حفر بئرا في موات ليتملكها أو لينتفع بها الناس لم يضمن من هلك بها لانه غير متعد في حفرها، وإن كان في داره بئر قد غلى رأسها أو كلب عقور فدخل رجل داره بغير إذنه فوقع في البئر فمات أو عقره الكلب فمات لم يضمنه لانه ليس من جهته تفريط فلا هلاكه، فإن دخلها باذنه فوقع في البئر ومات أو عقره الكلب فمات ففى ضمانه قولان كالقولين فيمن قدم طعاما مسموما إلى رجل فأكله فمات وإن قدم صبيا إلى هدف فأصابه سهم فمات ضمنه، لان الرامى كالحافر للبشر، والذى قدمه كالملقى فيها فكان الضمان عليه وان ترك على حائط جرة ماء فرمتها الريح على انسان فمات لم يضمنه لانه وضعها في ملكه ووقعت من غير فعله، وان بنى حائطا في ملكه فمال الحائط إلى الطريق ووقع على انسان فقلته فَفِيهِ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ: انه يضمن لانه لما مال إلى الطريق لزمه ازالته، فاذالم يزله صار متعديا بتركه فضمن من هلك به، كما لو أوقع مائلا