وان جنى أحد على الفلس جناية خطأ تعلق حق الغرماء بالارش، لان الارش مال له، فيتعلق به حق الغرماء كسائر أمواله.
وإن جنى عليه أحد جناية عمد توجب القصاص فالمفلس بالخيار بين أن يقتص وبين أن يعفو وليس للغرماء أن يطالبوه بالعفو على مال، لان ذلك اكتساب للمال، وقد سبق أن قلنا إنه لا يلزمه ذلك، ولانا لو ألزمناه ذلك لصار ذلك ذريعة للجناية عليه مرة بعد أخرى، فلم يلزمه.
فان عفا في مقابل مال تعلق به حق الغرماء، وان عفا مطلقا - فان قلنا إن موجب العمد القود لا غير لم يجب المال، وان قلنا ان موجبه أحد الامرين ثبت المال وتعلق به حق الغرماء، وان عفا على غير مال - فان قلنا ان موجب العمد القود لا غير صح عفوه ولم يجب المال، وان قلنا ان موجبه أحد الامرين فقد ذكر في التعليق والشامل أن المال ثبت: ويتعلق به حق
الغرماء، ولا يصح عفوه وإذا ادعى المفلس على غيره بدين وأنكره المدعى عليه، فأقام المفلس شاهدا فان حلف معه استحق ما ادعاه قسم على الغرماء لانه ملك له، وان لم يحلف فهل يحلف الغرماء.
قال الشافعي في المختصر: لا يحلف الغرماء.
وقال صاحب الشامل إذا مات وخاف ورثة وعليه دين وله دين على آخر له به شاهد ولم يحلف الورثة، فهل يحلف الغرماء؟ على قولين، فمن أصحابنا من قال المسألتان على قولين.
ومنهم من قال لا يحلف غرماء المفلس قولا واحدا، وفى غرماء الميت قولان، والفرق بينهما أن المفلس يرجى أن يخاف فلم يحلف غرماؤه، والميت لا يرجى أن يحلف فحلف غرماؤه، والصحيح أنهما على قولين
(أحدهما)
يحلفون لان حقوقهم تتعلق بما ثبت للمفلس فكان لهم أن يحلفوا كالورثة، ولان الانسان قد يحلف ليثبت ما لا لغيره، كما نقول في الوكيل إذا أحلفه العاقد له فان الوكيل يحلف وثبت المال للموكل، كذلك هذا مثله.
(الثاني) لا يحلفون، وهو الصحيح، لانهم يثبتون بأيمانهم ملكا لغيرهم، تتعلق به حقوقهم بعد ثبوته، وهذا لا يجوز.
كما لا تحلف الزوجة لاثبات مال زوجها، وان كان إذا ثبت تعلقت به نفقتها فأشبهت الورثة لانهم يثبتون ملكا