للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنو حنيفة منع الزكاة بقوله تعالى (خذ من أموالهم صدقة) الآية فقالوا أمر الله بدفع الزكاة إلى من صلاته سكن لنا، وهو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا ابن أبى قحافة فليست صلاته سكنا لنا، ولذلك لما انهزموا قالوا والله ما كفرنا بعد ايماننا ولكن شححنا على أموالنا، فإذا لم يكن لهم تأويل شائع فحكمهم حكم

قطاع الطريق.

وهل من شرطهم أن ينصبوا اماما؟ فيه وجهان

(أحدهما)

أن ذلك من شرطهم، لان الشافعي رضى الله عنه قال وأن ينصبوا اماما، فعلى هذا ان لم ينصبوا اماما كانوا لصوصا وقطاعا للطريق

(والثانى)

وهو المذهب أن ليس من شرطهم أن ينصبوا اماما، لان أهل البصرة وأهل النهروان طبق عليهم على رضى الله عنه أحكام البغاة ولم ينصبوا اماما وأما ما ذكره الشافعي رضى الله عنه فإنما ذكره لان الغالب من أمرهم أنهم ينصبوا اماما.

قال القفال، وسواء كان الامام عادلا أو جائرا فإن الخارج عليه باغ، فإذا اجتمعت هذه الشروط في الخارجين على الامام قاتلهم لقوله تعالى (وان طائفتان الخ الآية) وفى الآية خمسة معالم ظاهرة (أحدها) أن البغى لا يخرج عن الايمان لان الله سماهم مؤمنين في حال بغيهم

(والثانى)

وجوب قتالهم (قاتلوا التى تبغى) (والثالث) إذا رجعوا إلى الطاعة لم يقاتلوا (حتى تفئ إلى أمر الله) (الرابعة) ألا يجب عليهم ضمان ما أتلفوا في القتال (الخامس) وجوب قتال كل من عليه حق فمنعه.

ويدل على جواز قتال أهل البغى ما روى أن أبا بكر رضى الله عنه قاتل مانعي الزكاة وكانوا بغاة، لانهم كانوا متأولين، وقاتل على أهل الجمل وأهل صفين والخوارج بالنهروان، ولا يبدؤهم الامام بالقتال حتى يراسلهم ويسألهم ما ينقمون، فإن ذكروا مظلمة ردها وان ذكروا شبهة كشفها وبين لهم الصواب وقال أبو حنيفة: يبدؤهم بالقتال.

دليلنا قوله تعالى (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) فبدأ بالصلح قبل القتال، وفى هذا اصلاح.

وروى أن عليا رضى الله عنه لما كاتب معاوية وحكم خرج من معسكره ثمانية آلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>