وقال ابن الصباغ: إذا سألوه أن ينظرهم مدة مديدة كشف الامام عن حالهم فإن كانوا إنما سألوا ذلك ليجتمعوا أو يأتيهم مدد عاجلهم بالقتال ولم ينظرهم.
وإن سألوا ليتفكروا ويعودوا إلى الطاعة أنظرهم لانه يجوز أن يلحقهم مدد في اليوم واليومين والثلاث كما يلحقهم فيما زاد على ذلك وكل موضع قلنا لا يجوز إنظارهم فبذلوا على الانظار مالا لا يجوز إنطارهم، لانه يأخذ المال على اقرارهم فيما لا يجوز له إقرارهم عليه، ولان فيه إجراء صغار على المسلمين فلم يجز وإن بذلوا على الانظار رهائن منهم أو من أولادهم لم يجز قبول ذلك منهم لانهم ربما قويت شوكتهم على أهل العدل فهزموهم واخذوا الرهائن، وأن كان في أيديهم أسارى من أهل العدل فسألوا الكف عنهم على أن يطلقوا الاسارى من أهل العدل وأعطوا بذلك رهائن من أولادهم قبل الامام ذلك منهم واستظهر لاهل العدل، فإن أطلق أهل البغى الاسارى الذين عندهم أطلق الامام رهائنهم وإن قتلوا من عندهم من الاسارى لم يقتل رهائنهم، لانهم لا يقتلون بقتل غيرهم فإذا انقضت الحرب خلى رهائنهم، وإن كان في أهل العدل ضعف عن قتالهم أخر الامام قتالهم إلا أن يكون بهم قوة، لانه إذا قاتلهم مع الضعف لم يؤمن الهلاك على أهل العدل.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل)
ولا يتبع في القتال مدبرهم، ولا يذفف على جريحهم، لِمَا رَوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يابن أم عبد، ما حكم من بغى من أمتى؟ فقلت الله ورسوله أعلم، فقال لا يتبع مدبرهم ولايجاز على جريحهم، ولا يقتل أسيرهم ولا يقسم، فيؤهم) .
وعن على كرم الله وجهه أنه قال، لا تجيزوا على جريح، ولا تتبعوا مدبرا وعن أبى أمامة قال شهدت صفين فكانوا لا يجيزون على جريح ولا يطلبون موليا ولا يسلبون قتيلا.
ولان قتالهم للدفع والرد إلى الطاعة دون القتل، فلا يجوز فيه القصد إلى القتل من غير حاجة، وان حضر معهم من لا يقاتل ففيه وجهان
(أحدهما)
لا يقصد بالقتل، لان القصد من قتالهم كفهم، وهذا قد كف نفسه