وقال في الفائق أدناهم العبد من الدناءة وهى الخساسة، وأقصاهم، أبعدهم من القصاء، وهو البعد، وهذا يدل على أن أدناهم أقربهم بلدا من العدو.
وأخرج أبو داود وسكت عنه المنذرى عن عبيد الله بن سليمان أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدثه قال: لما فتحنا خيبرا أخرجوا غنائمهم من المتاع والسبي، فجعل الناس يتبايعون غنائهم، فجاء رجل فقال يا رسول الله لقد ربحت ربحا ما ريح اليوم مثله أحد من أهل هذا الوادي، فقال ويحك وما ربحت قال ما زلت أبيع وأبتاع حتى ربحت ثلثمائة أوقية، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنا أنبئك بخبر رجل ريح؟ قال وما هو يا رسول الله؟ قال ركعتين بعد الصلاة.
وقال الشوكاني فيه دليل على جواز التجارة في الغزو، وعلى أن الغازى مع ذلك يستحق نصيبه من المغنم وله الثواب الكامل بلا نقص، ولو كانت التجارة في الغزو موجبة لنقصان أجر الغازى لبينه صلى الله عليه وسلم، فلما لم يبين ذلك بل قرره دل على عدم النقصان، ويؤيد ذلك جواز الاتجار في سفر الحج.
وأخرج أبو داود عن يعلى بن منية قال: أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالغزو وأنا شيخ كبير ليس لى خادم، فالتمست أجيرا يكفيني وأجرى له سهمه
فوجدت رجلا، فلما دنا الرجل أتانى فقال ما أدرى ما السهمان وما يبلغ سهمي قسم لى شيئا كان السهم أو لم يكن، فسميت له ثلاثة دنانير، فلما حضرت غنيمة أردت أن أجرى له سهمه فذكرت الدنانير، فجئت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أمره فقال ما أحد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانير التى سمى) وسكت عنه المنذرى وأخرجه الحاكم وصححه، وأخرجه البخاري بنحوه وبوب عليه باب الاجير.
قال الشوكاني: وقد اختلف العلماء في الاسهام للاجير إذا استؤجر للخدمة فقال الاوزاعي وأحمد وإسحاق لا يسهم له، وقال الاكثر يسهم له، ثم قال وأما إذا استؤجر الاجير ليقاتل، فقال الحنفية والمالكية لاسهم له، وقال الاكثر له سهمه.