وتبدأ بالاهم فالاهم من سعد ثغر وكفاية أهل وحاجة من يدفع عن المسلمين وعمارة القناطر ورزق القضاة والفقهاء وغير ذلك، فإن فضل شئ قسم بين أحرار المسلمين غنيهم وفقيرهم وبيت المال ملك للمسلمين ويضمنه متلفه ويحرم الاخذ منه بلا إذن الامام.
وأفضل ما قرأنه في الفئ ما صنفه ابن رشد في البداية، وأما الفئ عند الجمهور فهو كل ما صار للمسلمين من الكفار قبل الرعب والخوف من غير أن يوجف عليه بخيل أو رجل.
واختلف الناس في الجهة التى يصرف إليها، فقال قوم إن الفئ لجميع المسلمين، الفقير والغنى، وأن الامام يعطى منه للمقاتلة وللحكام وللولاة.
وينفق منه في النوائب التى تنوب المسلمين كبناء القناطر وإصلاح المساجد غير ذلك، ولاخمس في شئ منه، وبه قال الجمهور، وهو الثابت عن أبى بكر وعمر.
وقال الشافعي بل فيه الخمس، والخمس مقسوم على الاصناف التى ذكروا في آية الغنائم وهم الاصناف الذين ذكروا في الخمس بعنيه من الغنيمة وأن الباقي هو مصروف إلى اجتهاد الامام ينفق منه على نفسه ومن رأى، وأحسب أن قوما قالوا إن الفئ غير مخمس، ولكن يقسم على الاصناف الخمس الذين يقسم عليهم الخمس، وهو أحد أقوال الشافعي فيما أحسب.
وسبب اختلاف من رأى أنه يقسم جميعه على الاصناف الخمسة أو هو مصروف إلى اجتهاد الامام هو سبب اختلافهم في قسمة الخمس من الغنيمة.
ثم قال: إن من جعل الاصناف في الآية تنبيها على المستحقين له قال هو لهذه الاصناف المذكورين ومن فوقهم، ومن جعل ذكر الاصناف تعديدا للذين يستوجبون هذا المال قال لا يتعدى بهم هؤلاء الاصناف، أعنى أنه جعله من باب الخصوص لا من باب التنبيه.
وأما تخميس الفئ فلم يقل به أحد قبل الشافعي، وإنما حمله على هذا القول أنه رأى الفئ قد قسم في الآية على عدد الاصناف الذين قسم عليهم الخمس، فاعتقد لذلك أنه فيه الخمس، لانه ظن أن هذه القسمة مختصة بالخمس،