وعن مالك تقبل من جميع الكفار إلا من ارتدوا به، قال الاوزاعي وفقهاء الشام: وحكى ابن القاسم عن مالك أنها لا تقبل من قريش وحكى ابن عبد البر الاتفقا على قبولها من المجوس، لكن حكى ابن التين عن عبد الملك أنها لاتقبل إلا من اليهود النصارى فقط، ونقل الاتفاق على أنه لا يحل نكاح نسائهم ولا أكل ذبائحهم.
وحكى غيره عن أبى ثور حل ذلك.
قال ابن قادمة وهذا خلاف إجماع من تقدمه وقال الشافعي: تقبل من أهل الكتاب، عربا كانوا أو عجما، ويلتحق بهم المجوس في ذلك، قال أبو عبيد: ثبتت الجزية على اليهود والنصارى بالكتاب، وعلى المجوس بالسنة
قال الامام الخطابى في العالم: جواز أخذ الجزية من العرب كجوازه من العجم، وكان أبو يوسف يذهب إلى أن الجزية لا تؤخذ من عربي، وقال مالك والاوزاعي والشافعي: العربي والعجمي في ذلك سواء، وكان الشافعي يقول: إنما الجزية على الاديان لا على الانساب، ولولا أن فأثم بتمني الباطل وددنا أن الذى قال أبو يوسف كما قال وأن لا يجرى على عربي صغار، ولكن الله أجل في أعيننا من أن نحب غير ما قضى به.
قوله (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) أي خذوهم على طريقهم، أي أمنوهم وخذوا عنهم الجزية، والسنة الطريق قوله (نبذ إليهم عهدهم) أي رمى به.
والنبذ رمى.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل)
وأقل الجزية دينار لِمَا رَوَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى اليمن وأمرني أن آخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافريا) وإن التزم أكثر من دينار عقدت له الذمة أخذ بأدائه لانه عوض في عقد منع الشرع فيه من النقصان عن دينار وبقى الامر فيما زاد على ما يقع عليه التراضي، كما لو وكل وكيلا في بيع سلعة وقال لا تبع بما دون دينار فإن امتنع قوم من أداء الجزية باسم الجزية وقالوا نؤدى باسم الصدقة، ورأى