مات أو أسلم بعد الحول لم يسقط ما وجب لانه عوض عن الحقن والمساكنة وقد استوفى ذلك فاستقر عليه العوض كالاجرة بعد استيفاء المنفعة، فإن مات أو أسلم في أثناء الحول ففيه قولان
(أحدهما)
أنه لا يلزمه شئ لانه مال يتعلق وجوبه بالحول فسقط بموته في أثناء الحول كالزكاة.
(والثانى)
وهو الصحيح أنه يلزمه من الجزية بحصة ما مضى لانها تجب عوضا عن الحقن والمساكنة، وقد استوفى البعض فوجب عليه بحصته، كما لو استأجر علينا مدة واستوفى المنفعة في بعضها ثم هلكت العين
(فصل)
ويجوز أن يشترط عليهم في الجزية ضيافة من يمر بهم من المسلمين لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صالح أكيد ردومة من نصارى أبلة على ثلثمائة دينار، وكانوا ثلثمائة رجل، وأن يضيفوا من يمر بهم من المسلمين.
وروى عبد الرحمن بن غنم قال: كتبت لعمر بن الخطاب رضى الله عنه حين صالح نصارى أهل الشام (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب لعبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين من نصارى مدينة كدى إنكم لما قدمتم علينا سألتاكم الامان لانفسنا وذرارينا وأموالنا، وشرطنا لكم أن تنزل من يمر بنا من المسليمن ثلاثة أيام نطعمهم) ولا يشترط ذلك عليهم إلا برضاهم، لانه ليس من الجزية ويشترط عليهم الضيافة بعد الدينار لحديث أكيد ردومة، لانه إذا جعل الضيافة من الدينار لم يؤمن أن لا يحصل من بعد الضيافة مقدار الدينار، ولا تشترط الضيافة إلا على غنى أو متوسط وأما الفقير فلا تشترط عليه وإن وجب عليه الجزية، لان الضيافة تتكرر فلا يمكنه القيام بها.
ويجب أن تكون أيام الضيافة من السنة معلومة، وعدد من يضاف من الفرسان والرجالة وقدر الطعام والادم والعلوفة معلوما، ولانه من الجزية فلم يجز مع الجهل بها، ولا يكلفون إلا من طعامهم وإدامهم لما روى أسلم أن أهل الجزية من أهل الشام أتوا عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقالوا إن المسلمين إذا مروا بنا كلفونا ذبح الغنم والدجاج في ضيافتهم، فقال أطعموهم مما تأكلون ولا تزيدوهم على ذلك.