للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(فصل)

وإن كان أهل الذمة في دار الاسلام أخذوا بلبس الغيار وشد الزنار، والغيار أن يكون فيما يظهر من ثيابهم ثوب يخالف لونه لون ثيابهم، كالازرق والاصفر ونحوهما، والزنار أن يشدوا في أوساطهم خيطا غليظا فوق

الثياب، وإن لبسوا القلانس جعلوا فيها خرقا ليتميزوا عن قلانس المسلمين، لما روى عبد الرحمن بن غنم في الكتاب الذى كتبه لعمر حين صالح نصارى الشام فشرطنا أن لا نتشبه بهم في شئ من لباسهم من قلنسوة ولاعمامة ولا نعلين ولا فرق شعر، وأن نشد الزنانير في أوساطنا، ولان الله عز وجل أعز الاسلام وأهله وندب إلى إعزاز أهله، وأذل الشرك وأهله وندب إلى إذلال أهله، والدليل عليه ما روى ابْنِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: بعثت بين يدى الساعة بالسيف حتى يعبد الله ولا يشرك به شئ، وجعل الصغار والذل على من خالف أمرى، فوجب أن يتميزوا عن المسلمين لنستعمل مع كل واحد منهم ما ندبنا إليه.

وإن شرط عليهم الجمع بين الغيار والزنار أخذوا بهما، وإن شرط أحدهما أخذوا به لان التمييز يحصل بأحدهما، ويجعل في أعناقهم خاتم ليتميزوا به عن المسلمين في الحمام وفى الاحوال التى يتجردون فيها عن الثياب، ويكون ذلك من حديد أو رصاص أو نحوهما ولايكون من ذهب أو فضة لان في ذلك إعظاما لهم وان كان لهم شعر أمروا بجز النواصي ومنعوا من ارساله كما تصنع الاشراف والاخيار من المسلمين، لما روى عبد الرحمن بن غنم في كتاب عمر على نصارى الشام: وشرطنا أن نجز مقادم رؤوسنا ولا يمنعون من لبس العمائم والطيلسان لان التمييز يحصل بالغيار والزنار.

وهل يمنعنن من لبس الديباج؟ فيه وجهان

(أحدهما)

أنهم يمنعون لما فيه من التجبر والتفخيم والتعظيم

(والثانى)

أنهم لا يمنعون كما لا يمنعون من لبس المرتفع من القطن والكتان، وتؤخذ نساؤهم بالغيار والزنار لما روى أن عمر كتب إلى أهل الآفاق أن مروا نساء أهل الاديان أن يعقدن زنانير هن أو تكون

<<  <  ج: ص:  >  >>