للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للآية، ولانه إذا لم يجز دخوله في حياته فلان لا يجوز دفن جيفته فيه أولى، وإن تقطع ترك، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يأمر بنقل من مات فيه منهم ودفن قبل الفتح، وإن دخل بغير إذن فإن كان عالما بتحريمه عزر، وان كان جاهلا أعلم فإن عاد عزر، وان أذن له في الدخول بمال لم يجز فإن فعل استحق عليه المسمى لانه حصل له المعوض ولا يستحق عوض المثل، وان كان فاسدا، لانه لا أجرة لمثله، والحرم من طريق المدينة على ثلاثة أميال، ومن طريق العراق على تسعة أميال ومن طريق الجعرانة على تسعة أميال ومن طريق الطائف على عرفة على

سبعة أميال، ومن طريق جدة على عشرة أميال

(فصل)

وأما دخول ما سوى المسجد الحرام من المساجد فإنه يمنع منه من غير اذن، لما روى عياض الاشعري أن أبا موسى وفد إلى عمر ومعه نصراني فأعجب عمر خطه فقال قل لكاتبك هذا يقرأ لنا كتابا، فقال انه لا يدخل المسجد، فقال لم؟ أجنب هو؟ قال لا، هو نصراني، قال فانتهره عمر، فإن دخل من غير اذن عزر لما روت أم غراب قالت: رأيت عليا كرم الله وجهه على المنبر وبصر بمجوسى فنزل فضربه وأخرجه من باب كندة، فإن استأذن في الدخول، فإن كان لنوم أو أكل لم يأذن له، لانه يرى ابتذاله تدينا فلا نحميه من أقذاره، وان كان لسماع قرآن أو علم فإن كان ممن يرجى إسلامه أذن له لقوله عز وجل (وان أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) ولانه ربما كان ذلك سببا لاسلامه.

وقد رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعَ أخته تقرأ طه فأسلم، وان كان جنبا ففيه وجهان.

(أحدهما)

أنه يمنع من المقام فيه، لانه إذا منع المسلم إذا كان جنبا فلان يمنع المشرك أولى.

(والثانى)

أنه لا يمنع لان المسلم يعتقد تعظيمه فمنع، والمشرك لا يعتقد تعظيمه فلم يمنع، وان وفد قوم من الكفار ولم يكن للامام موضع ينزلهم فيه جاز أن ينزلهم في المسجد لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنزل سبى بنى قريضة والنضير في مسجد المدينة وربط ثمامة بن أثال في المسجد

<<  <  ج: ص:  >  >>