حد القذف ترك القاذف لان المقذوف لم يعد عفافه ثابتا، ولكن ليس معنى عدم إقامة الحد في هذه الصور الخمس أن قاذف المجنون أو الصبى أو الكافر أو العبد أو غير العفيف لا يستحق عقوبة بل انه يستحق التعزير ويبلغ به غايته الشروط اللازمة في فعلة القذف نفسها:
أن كل رمى بحوله إلى القذف أحد الامرين: إما أن يرمى القاذف المقذوف بصريح الزنا إذا ثبتت بشهادة الشهود وجب عليه الحد أو يقول عنه أنه ولد الزنا ولكن يجب التصريح بارتكابه للزنا في كلتا الحالتين، ولا عبرة بالكناية، فإن ارادة الرمى بالزنا أو الطعن في النسب متوقفة في الكناية على نية القاذف، فإن كى بألفاظ سبق ذكرها كيا فاجر وكيا ابن الحرام فلا قذف فيها، غير أن الفقهاء قد اختلفوا حول اعتبار التعريض قذفا، والتعريض هو أن يقول أحد لغيره مثلا (يا ابن الحلال أما أنا فما زنيت أو ما ولدتني أمي بالزنا) فقال مالك رحمه الله إن من جاء بتعريض يفهم به قطعا أنه يريد أن يقول عن مخاطبه أنه زنا أو أنه ولد الزنا وجب عليه حد القذف.
أما أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي وسفيان وابن شبرمة والحسن بن صالح فقالوا إنه ليس التعريض قذفا، لانه على كل حال يحتمل الشك، ولان الاصل براءة الذمة فلا ينبغى أن يرجع عنه بالشك.
وأما أحمد واسحاق بن راهويه فقالا: ان التعريض ليس بقذف في حال الرضى والمزاح، وهو قذف في حال الغضب والمجادلة، فقد أقام عمر وعلى الحد على التعريض.
وروى أن رجلين استبا في زمن عمر، فقال أحدهما للآخر: ما أنا بزان ولا أمي بزانية، فاستشار عمر الصحابة فقال بعضهم مدح أباه وأمه وقال الآخرون: أما كان لابية مدح غير هذا؟ فجلده عمر ثمانين جلدة (أحكام القرآن للجصاص ج: ص ٣٣٠) وكذلك أن الفقهاء بينهم الخلاف حول اعتبار الرمى بعمل قوم لوط قذفا، فيقول أبو حنيفة أنه ليس قذفا، ويقول أبو يوسف ومحمد من أصحابه ومالك والشافعي انه قذف يجب عليه الحد