وجب بأخذ المال في المحاربة فسقط بالتوبة قبل القدره كقطع الرجل
(والثانى)
وهو قول أبى اسحاق انه لا يسقط لانه قطع يد لاخذ المال فلم يسقط بالتوبة قبل القدرة كقطع السرقة
(فصل)
فأما الحد الذى لا يختص بالمحاربة ينظر فيه فإن كان للآدمي وهو حد القذف لم يسقط بالتوبة لانه حق للآدمي فلم يسقط بالتوبة كالقصاص، وان كان لله عز وجل وهو حد الزنا واللواط والسرقة وشرب الخمر ففيه قولان
(أحدهما)
أنه لا يسقط بالتوبة لانه حد لا يختص بالمحاربة فلم يسقط بالتوبة كحد القذف
(والثانى)
أنه يسقط وهو الصحيح، والدليل عليه قوله عز وجل في الزنا (فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما ان الله كان توابا رحيما) وقوله تعالى في السرقه (فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه ان الله غفور رحيم) وقوله صلى الله عليه وسلم (التوبة تجب ما قبلها) ولانه حد خالص لله تعالى فسقط بالتوبة كحد قاطع الطريق.
فإن قلنا انها تسقط نظرت فإن كانت وجبت في غير المحاربة لم تسقط بالتوبة حتى يقترن بها الاصلاح في زمان يوثق بتوبته لقوله تعالى (فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما) وقوله تعالى (فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه) فعلق العفو بالتوبة والاصلاح، ولانه قد يظهر التوبة التقية فلا يعلم صحتها حتى يقترن بها الاصلاح في زمان يوثق فيه بتوبته، وان وجبت عليه الحدود في المحاربة سقطت بإظهار التوبة والدخول في الطاعة لانه خارج من يد الامام ممتنع عليه فإذا أظهر التوبة لم تحمل توبته على التقية.
(الشرح) أثر ابن عباس (إذا قلتوا وأخذوا المال) أخرجه البيهقى والشافعي في مسنده أثر ابن عباس (نزل جبريل بالحد فيهم) أخرجه البيهقى، قلت وفى حديث العرنيين المتفق عليه وعتاب الله عز وجل لنبيه حينما قتلهم وسمل أعينهم ما ينص على وجوب الحد عليهم بما اجترحوا فقط، واختلاف الحدود باختلاف
الافعال كما قال ابن عباس حديث (إذا قتلتم) أخرج مسلم عن أبى يعلى شداد ابن أوس عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)