روى عبد الله بن الزبير أن رجلا خاصم الزبير عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شراج الحرة الذى يسقون به النخل، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للزبير: اسق أرضك الماء ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب الانصاري، فقال يا رسول الله وأن كان ابن عمتك، فتلون وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يا زبير اسق أرضك الماء ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، فقال الزبير فو الله إنى لاحسب هذه الآية نزلت في ذلك (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) ولو لم يجز ترك التعزير لعزره رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ما قال.
(فصل)
وإن عزر الامام رجلا فمات وجب ضمانه لما روى عمرو بن سعيد
عن على كرم الله وجهه أنه قال: ما من رجل أقمت عليه حدا فمات فأجد في نفسي أنه لا دية له إلا شارب الخمر فإنه لو مات وديته، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يسنه ولا يجوز أن يكون المراد به إذا مات من الحد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حد في الخمر فثبت أنه أراد من الزيادة على الاربعين، ولانه ضرب جعل إلى اجتهاده فإذا أدى إلى التلف ضمن كضرب الزوج زوجته.
(فصل)
وإن كان على رأس بالغ عاقل سلعة لم يجز قطعها بغير إذنه، فان قطعها قاطع بإذنه فمات لم يضمن لانه قطع بإذنه، وان قطعها بغير اذنه فمات وجب عليه القصاص لانه تعدى بالقطع، وان كانت على رأس صبى أو مجنون لم يجز قطعها لانه جرح لا يؤمن معه الهلاك، فإن قطعت فمات منه نظرت فإن كان القاطع لا ولاية له عليه وجب عليه القود لانها جناية يعدى بها، وإن كان أبا أو جدا وجبت عليه الدية، وان كان وليا غيرهما ففيه قولان.
(أحدهما)
أنه يجب عليه القود لانه قطع منه ما لا يجوز قطعه.
(والثانى)
أنه لا يجب القود لانه لم يقصد القتل وانما قصد المصلحة، فعلى هذه يجب عليه دية مغلظة لانها عمد خطأ وبالله التوفيق.
(الشرح) أثر عبد الملك بن نمير رواه البيهقى وسعيد بن منصور أثر ابن عباس رواه البيهقى.