للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجاب، وكان يصلى على الجنائز فإن كثرت عليه أتى من ذلك ما لا يقطعه عن الحكم، والفرق بينه وبين حضور الولائم حيث قلنا انها إذا كثرت عليه ترك الجميع أن الحضور في الولائم لحق أصحابها فإذا حضر عند بعضهم كان ذلك للميل إلى من يحضره، والحضور في هذه الاشياء لطلب الثواب لنفسه فلم يترك ما قدر عليه

(فصل)

ويكره أن يباشر البيع والشرع بنفسه لما روى أبو الأسود المالكى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ما عدل وال اتجر في رعيته أبدا، وقال شريح: شرط على عمر رضى الله عنه حين ولانى القضاء أن لا أبيع ولا أبتاع ولا أرتشى ولا أقضى وأنا غضبان، ولانه إذا باشر ذلك بنفسه لم يؤمن أن يحابى فيميل إلى من حاباه، فإن احتاج إلى البيع والشراء وكل من ينوب عنه ولا يكون معروفا به، فان عرف أنه وكيله استبدل بمن لا يعرف به حتى لا يحابى فتعود المحاباة إليه، فان لم يجد من ينوب عنه تولى بنفسه، لانه لا بد له منه، فإذا وقعت لمن بايعه حكومة استخلف من يحكم بينه وبين خصمه

لانه إذا تولى الحكم بنفسه لم يؤمن أن يميل إليه.

(فصل)

ولا يقضى في حال الغضب ولا في حال الجوع والعطش ولا في حال الحزن والفرح، ولا يقضى والنعاس يغلبه ولا يقضى والمرض يقلقه ولا يقضى وهو بدافع الاخبثين ولا يقضى وهو في حر مزعج ولا في رد مؤلم لما روى أبو بَكْرَةَ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا ينبغى للقاضى أن يقضى بين اثنين وهو غضبان وروى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يقضى القاضى إلا وهو شبعان ريان، ولان في هذه الاحوال يشتغل قبله فلا يتوفر على الاجتهاد في الحكم، وان حكم في هذه الاحوال صح حكمه لان الزبير ورجلا من الانصار اختصما إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شراج الحرة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للزبير اسق زرعك ثم أرسل الماء إلى جارك، فقال الانصاري: وأن كان ابن عمتك يا رسول الله فغضب رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى احمر وجهه، ثم قال للزبير اسق زرعك والحبس الماء حتى يبلغ الجدر ثم أرسله إلى جارك فحكم في حال الغضب.

<<  <  ج: ص:  >  >>