ولا تقبل شهادة من ليس بعدل، وقد حكى في البحر الاجماع على أنها لا تصح شهادة فاسق وشرط الشاهد كونه مسلما حرا مكلفا، أي عاقلا بالغا ضابطا ناطقا عدلا ذا مروءة ليست به تهمة، وعليه أكثر أهل العلم، غير أنهم اختلفوا في بعض التفاصيل، فشهادة الذمي لا تقبل عند الشافعي على الاطلاق.
وقال أبو حنيفة: شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض جائزة وإن اختلفت مللهم، وشهادة الصبيان لا تقبل عند الاكثرين إلا عند مالك في الجراح فيما بينهم خاصة ما لم يصلوا إلى أهل بيتهم وأثر عبد الله بن الزبير أنه كان يقضى بشهادة الصبيان فيما بينهم من الجراح معارض يقول ابن عباس أنها لا تجوز، وحد العدالة أن يكون محترزا عن الكبائر غير مصر على الصغائر، والمروءة وهى ما تتصل بآداب النفس مما يعلم أن تاركه قليل الحياء، وهى حسن الهيئة والسيرة والعشرة والصناعة، فإذا كان الرجل يظهر من نفسه شيئا مما يستحى أمثاله من إظهاره في الاغلب يعلم به قلة مروءته وترد شهادته، وان كان ذلك
مباحا، ولا تقبل شهادة الخائن ولا ذى العداوة، وان كان مقبول الشهادة على غيره لانه متهم في حق عدوه، ولا يؤمن أن تحمله عداوته على إلحاق ضرر به فإن شهد لعدوه تقبل إذا لم يظهر في عداوته فسق، وكذا المتهم والقانع لاهل البيت ولا شهادة العدو على العدو.
وحكى في البحر الاجماع على عدم قبول شهادة العبد لسيده، قال في المسوى ولا تجوز شهادة الوالد لولده ولا الولد لوالده ويجوز عليهما، وكذا لا تقبل شهادة من جر إلى نفسه نفعا، كمن شهد لرجل بشراء دار وهو شفيعها، أو شهد للمفلس واحد من غرمائه بدين على رجل، واتفقوا على قبول شهادة الاخ لاخيه وسائر الاقارب، واختلفوا في شهادة أحد الزوجين لصاحبه فلم يجزها أبو حنيفة، وأجازها الشافعي والحق أن القرابة بمجردها ليست بمانعة سواء كانت قريبة أو بعيدة، انما المانع التهمة، فإذا كان القريب ممن تأخذه حمية الجاهلية فشهادته غير مقبولة، وان كان على العكس من ذلك شهادته مقبولة.
وقد وقت الخلاف في كتب التفسير والاصول في حكم التوبة.