(والثالث) أن يسترعيه رجل بأن يقول: أشهد أن لفلان على فلان كذا فاشهدوا على شهادتى بذلك لانه لا يسترعيه إلا على واجب، لان الاسترعاء وثيقة، والوثيقة لا تكون إلا على واجب، وأما إذا سمع رجلا في دكانه أو طريقه يقول أشهد أن لفلان على فلان ألف درهم ولم يقل فاشهد على شهادتى لم يحكم به لانه يحتمل أنه أراد أن له عليه ألفا من وعد وعده بها فلم يجز تحمل الشهادة عليه مع الاحتمال، وإن سمع رجلا يقول: لفلان على ألف درهم فهل يجوز أن يشهد عليه بذلك؟ فِيهِ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ أنه لا يجوز أن يشهد عليه، كما لا يجوز
أن يتحمل الشهادة عليه.
(والثانى)
وهو المنصوص أنه يجوز أن يشهد عليه، والفرق بينه وبين التحمل أن المقر يوجب الحق على نفسه فجاز من غير استرعاء والشاهد يوجب الحق على غيره فاعتبر فيه الاسترعاء، ولان الشهادة آكد لانه يعتبر فيها العدالة ولا يعتبر ذلك في الاقرار.
(فصل)
وإذا أراد شاهد الفرع أن يؤدى الشهادة أداها على الصفة التى تحملها، فإن سمعه يشهد بحق مضاف إلى سبب يوجب الحق ذكره، وإن سمعه يشهد عند الحاكم ذكره، وإن أشهد شاهد الاصل على شهادته أو استرعاه قال أشهد أن فلانا يشهد أن لفلان على فلان كذا وأشهدني على شهادته
(فصل)
وان رجع شهود الاصل قبل الحكم بشهادة الفرع بطلت شهادة الفرع لانه بطل الاصل فبطل الفرع: وإن شهد شُهُودَ الْفَرْعِ ثُمَّ حَضَرَ شُهُودُ الْأَصْلِ قَبْلَ الحكم لم يحكم بشهادتهم لانه قدر على الاصل فلا يجوز الحكم بالبدل والله أعلم.
(الشرح) حديث أم سلمة (انكم تختصمون إلى وانما أنا بشر … ) متفق عليه.
اللغة: قوله (الفرع) مأخوذ من فروع الشجرة وهى أغصانها التى تنمى عن الاصول، وفروع كل شئ اعلاه ايضا.