الاستيفاء لان ذلك يوقع شبهة في الشهادة والحد والقصاص مما يسقطان بالشبهة فلم يجز استيفاؤه مع الشبهة.
(فصل)
وإن حكم بشهادة شاهد ثم بان أنه عبد أو كافر نقض الحكم لانه تيقن الخطا في حكمه فوجب نقضه كما لو حكم بالاجهاد ثم وجد النص بخلافه، وإن حكم بشهادة شاهد ثم قامت البينة أنه فاسق، فإن لم تسند الفسق إلى حال الحكم لم ينقض الحكم لجواز أن يكون الفسق حدث بعد الحكم فلم ينقض الحكم مع الاحتمال.
وإن قامت البينة أنه كان فاسقا عند الحكم فقد اختلف أصحابنا فيه، فقال أبو إسحاق رحمه الله ينقض الحكم قولا واحدا، لانه إذا نقص بشهادة العبد ولا نص في رد شهادته ولا اجماع، فلان ينقض بشهادة الفاسق وقد ثبت رد شهادته بالنص والاجماع أولى.
وقال أبو العباس رحمه الله فيه قولان، أحدهما أنه ينقض لما ذكرناه، والثانى أنه لا ينقض لانه فسقه ثبت بالبينة من جهة الظاهر فلا ينقض حكم نفذ في الظاهر، والصحيح هو الاول لان هذا يبطل به إذا حكم بالاجتهاد فيه ثم وجد النص بخلافه، فإن النص ثبت من جهة الظاهر، وهو خبر الواحد ثم ينقض به الحكم.
(فصل)
وإذا نقض الحكم نظرت فإن كان المحكوم به قطعا أو قتلا وجب على الحاكم ضمانه لانه لا يمكن إيجابه على الشهود لانهم يقولون شهدنا بالحق ولا يمكن إيجابه على المشهود له، لانه يقول استوفيت حقى فوجب على الحاكم الذى حكم بالاتلاف ولم يبحث عن الشهادة، وفى الموضع الذى يضمن قولان
(أحدهما)
في بيت المال
(والثانى)
على عاقلته وقد بيناه في الديات،
وان كان المحكوم به مالا فإن كان باقيا في يد المحكوم له وجب عليه رده، وان كان تالفا وجب عليه ضمانه لانه حصل في يده بغير حق ويخالف ضمان القطع والقتل حيث لم يوجب على المحكوم له، لان الجناية لا تضمن الا أن تكون محرمة وبحكم الحاكم خرج عن أن يكون محرما فوجب على الحاكم دونه