للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الشرح) الاحكام: إذا كان بينهما حائط مشترك فانهدم أو هدماه، فدعا أحدهما إلى بنائه وامتنع الآخر، فهل يجبر الممتنع؟ فيه قولان.

هكذا لو كان بينهما نهر عظيم، أو بئر فاجتمع فيه الطين، فهل يجبر الممتنع من كسحها على ذلك؟ فيه قولان.

وقال أبو حنيفة: لا يجبر الممتنع على بناء الحائط، ويجبر على كسح النهر والبئر.

وقال أحمد لا يجبر على البناء لانه إذا كان الممتنع مالكه لم يجبر على البناء في ملكه المختص به، وإن كان الممتنع الآخر لم يجبر على بناء ملك غيره ولا المساعدة فيه.

وقال مالك وأبو ثور: وأحد القولين عندنا يجبر قال العمرانى في البيان: وعندنا الجميع على قولين - وهو يعنى بالجميع الحائط

والبئر والنهر في البناء وكسح الطين قال في القديم: يجبر الممتنع منهما.

وبه قال مالك رحمه الله تعالى.

واختاره ابن الصباغ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا ضَرَرَ وَلَا ضرار " فإذا لم يجبر الممتنع أضررنا بشريكه، ولانه إنفاق على ملك مشترك لازالة الضرر فأجبر الممتنع منهما، كالانفاق على الحيوان المشترك.

وقال في الجديد: لا يجبر الممتنع، لانه إنفاق على ملك لو انفرد بملكه لم يجبر عليه، فإذا كان مشاركا لغيره لم يجبر عليه، كما لو كان بينهما براح من الارض لا بناء عليه فدعا أحدهما الآخر إلى البناء فامتنع فانه لا يجبر، وعكس ذلك البهيمة والعبد المشتركين، لما لزم صاحبه الانفاق عليه عند الانفراد بملكه أجبر على الانفاق عليه إذا شارك غيره.

وأما الخبر فلا حجة فيه، لانا لو أجبرنا الشريك لاضررنا به، والضرر لا يزال بالضرر، فإذا قلنا بقوله القديم فطالب الشريك شريكه بالبناء لزمه الانفاق معه بقسط ما يملك من الحائط، فان امتنع أجبره الحاكم، فإن كان له مال أخذ الحاكم منه وأنفق عليه ما يخصه، وإن كان معسرا اقترض له الحاكم من الشريك أو من غيره.

وإن بناه الشريك بإذن الحاكم أو بإذن الممتنع كان الحائط ملكا بينهما كما كان

<<  <  ج: ص:  >  >>