فإن كان له على رجل ألف صحاح، فأحاله بها على من له عليه ألف مكسرة، أو كان بالعكس من ذلك لم تصح الحوالة، لان الحوالة في الحقيقة بيع دين بدين، وبيع الدراهم بالدراهم صرف من شرطه القبض في المجلس إلا ان جوزنا تأخير القبض في الحوالة، لانه عقد إرفاق معروف، فإذا دخل فيه الفضل صار بيعا وتجارة، وبيع الدين بالدين لا يجوز.
ألا ترى أن القرض في الحقيقة صرف، لانه يعطى درهم بدرهم، ولكن جوز تأخير القبض فيه لانه إرفاق.
ولو قال أقرضتك هذه الدراهم المكسرة لتردها على صحاحا لم يصح.
وكذلك هذا مثله.
(فرع)
وإن كان لرجل على رجلين ألف درهم كل واحد خمسمائة، وكل واحد منهما ضامن عن صاحبه، فأحاله أحدهما على آخر بألف برئت ذمتهما مما له عليهما وإن أحال عليهما رجلا له عليه ألف ليأخذ من كل واحد منهما خمسمائة صح.
وإن أحاله عليهما على أن يطالب من شاء منهما بالالف فهل تصح الحواله، فيه وجهان حكاهما أبو العباس بن سريج
(أحدهما)
تصح الحوالة، وهو اختيار الشيخ أبى حامد الاسفرايينى، لان المحتال لا يأخذ الا قدر حقه، لان الزيادة انما تكون في القدر أو الصفة، ألا ترى أنه يجوز أن يحيل على من هو أملا منه
(والثانى)
لا تصح الحوالة، وهو اختيار القاضى أبى الطيب لانه يستفيد بهذه الحوالة زيادة في المطالبة، لانه كان يطالب واحدا فصار يطالب اثنين، ولان الحوالة بيع فإذا كان الحق على اثنين كان المقبوض منه منهما مجهولا فلم يصح وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ:
(فصل)
ولا تجوز الحوالة الا على من له عليه دين، لانا بينا أن الحوالة بيع ما في الذمة بما في الذمة، فإذا أحال من لا دين له عليه كان بيع معدوم فلم
تصح.
ومن أصحابنا من قال تصح إذا رضى المحال عليه، لانه تحمل دين يصح إذا كان عليه مثله فصح، وان لم يكن عليه مثله كالضمان فعلى هذا يطالب المحيل