وقد أثارت هذه العبارة من المزني كلاما لدى الاصحاب، لانه إن قبل فبيع الموكل معقود بشرط وهو قوله: ان كنت أمرتك أن تشتريها بعشرين فقد بعتها
عليك بعشرين، وهذا شرط يفسد معه البيع، فاختلف أصحابنا فيما ذكره المزني من ذلك على وجهين.
أحدهما: أن المزني انما اختار للحاكم أن يقول ذلك لهما تنبيها على معنى هذا العقد، والسبب المقصود به من غير أن يذكراه في نفس العقد، فإذا ذكراه فيه لم يصح، بل يعقد له مطلقا من هذا الشرط، وهذا قول أكثر البصريين.
والوجه الثاني: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وجمهور البغداديين أنه يجوز لهما أن يعقداه كذلك لانه هكذا يكون في الحكم فجائز أن يكون ملفوظا به في العقد.
(فرع)
إذا ثبت ما أسلفنا فللموكل حالتان: احداهما: أن يجيب إلى بيعها على الوكيل ان كان صادقا فيصير الوكيل مالكا لها ظاهرا وباطنا.
ويجوز له امساكها والاستمتاع بها وبيعها وأخذ الفضل من ثمنها والحال الثانية: أن لا يجيب إلى بيعها فلا يجبر عليه لانه ليس بمالك، ولو كان مالكا لم يجبر على بيع ملكه، وهل يكون الوكيل مالكا لها أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أبى سعيد الاصطخرى انه قد ملكها ملكا تاما ظاهرا وباطنا لان الملك قد انتقل عن الموكل بثمنه فاقتضى أن ينتقل إلى الوكيل بعقده، فعلى هذا يجوز للوكيل أن يمسكها، وان باعها ملك الفضل في ثمنها.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: انه لا يصير مالكا لها، وانما له أن يأخذ من ثمنها ما غرم فيه، لانه مقر بأنها ملك لموكله، فعلى هذا لا يجوز أن يستمتع بها، وان كان في ثمنها فضل لم يملكه، وهل يجوز أن ينفرد ببيعها أم لا؟ على وجهين.
(أحدهما)
يبيعها بنفسه
(والثانى)
يتولاه الحاكم، فإن كان الثمن بقدر ما دفع فقد استوفاه، وان كان أقل فلا رجوع له ينافيه، وان كان أكثر فلا
حق له في الزيادة.
وهل يجوز اقرارها في يده؟ أم ينزعها الحاكم منه؟ على وجهين، أحدهما: