فتلف الثوب أو الكتاب في يده بعد عمله، فلا أجرة له إن كان مشتركا، والفرق
الذى تلف الثمن في يده والذى تلف الثوب أو الكتاب في يده أن المقصود من الاجير تسليم العلم المستحق في مقابلة العوض، فما لم يحصل التسليم لم يجب ما في مقابلته من العوض، والمقصود من الوكيل وجود العمل المأذون فيه، فلو باع الوكيل الثوب فتلف الثوب في يده قبل تسليمه إلى مستحقه بطل البيع، ولم يبطل جعل الوكيل، لان بطلانه بمعنى حادث بعد صحته، فصار بالعمل مأجورا فيه، وكان بخلاف وقوع البيع فاسدا، فلو سلم الثوب إلى مشتريه وقبض ثمنه فتلف في يده، ثم استحق الثوب من يد المشترى كان البيع فاسدا وللوكيل جعله لان بطلانه ليس من جهة الوكيل فصار مقصوده بالاذن مجرد العمل على وجه الصحة دون الصحه، وقد وجد من الوكيل ذلك العمل.
فأما رجوع المشترى بالثمن، فإن لم يعلم بالوكالة فله الرجوع على الوكيل ويرجع الوكيل به على الموكل، وإن علم بالوكاله ففيه وجهان
(أحدهما)
وهو قول أبى حامد المروزى ذكره في جامعه أن يرجع على الموكل دون الوكيل، لانه مبيع عليه كالمبيع على المفلس
(والثانى)
يرجع على من شاء منهما، لان لكل واحد منهما في العقد تأثيرا فإذا ثبت ما وصفنا من جواز الوكالة بجعل واستحقاقه بعد العمل، فطالب الوكيل الموكل بجعله، وادعى أنه قد باع ما وكل في بيعه، وأنه قد رد ثمنه على موكله فللموكل حالتان، حالة ينكر العمل الذى ادعاه من البيع وقبض الثمن، وحالة يعترف به، فإن انكر الموكل ذلك فالقول قوله مع يمينه، ولا جعل للوكيل إلا ببينة يقيمها على البيع، سواء قبل قوله في البيع؟ أم لا، لانه يدعى عملا يستحق به جعلا فلم يقبل قوله في دعواه، وإن صدقه الموكل على ذلك وادعى دفع الجعل إليه فالقول قول الوكيل مع يمينه وله الجعل، لان الموكل مدع براءة الذمة من جعل تعلق بها، فلو قال الموكل له بعد تصديقه على البيع،
إنك خنتني في عملك بقدر جعلك فبرئت منه بخيانتك، وأنكر الوكيل الخيانة، فالقول قول الوكيل مع يمينه أنه لم يخن وله المطالبة بجعله.