للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أن تشهد قرائن الحال بكذب المدعى، فمذهب مالك أنه لا يلتفت إلى دعواه، ولا يحلف له، وهذا اختيار الاصطخرى من الشافعية، ويخرج على مذهب أحمد مثله، وذلك مثل أن يدعى الدنئ استئجار أمير أو ذى هيئة وقدر لعلف دوابه، وكنس بابه، ونحو ذلك.

وروى عن شيخ الاسلام ابن تيمية أنه كان عند نائب السلطان في دمشق (١) يجلس إلى جانبه، فادعى بعض الحاضرين أن له قبل ابن تيمية وديعة، وسأل اجلاسه معه واحلافه فقال لقاضي المالكية - وكان حاضرا - أتسوغ هذه الدعوى؟ وتسمع، فقال: لا، فقال ابن تيمية: فما مذهبك في مثل ذلك، قال تعزير المدعى.

قال ابن تيمية: فاحكم بمذهبك، فأقيم المدعى وأخرج.

(فرع)

إذا أقيمت الدعوى وقدمت البينة لا ينفسخ العقد الا بصدور حكم القاضى بالفسخ وهنا كان عدم انفساخه باليمين أولى.

وقوله: وفى الذى يفسخه وجهان، وعند الحنابلة طريقان.

اولهما: وهو الاصح عند الشافعي وأصحابه أن الذى يفسخه هو الحاكم لانه مجتهد فيه، أعنى لان أمر النزاع محل اجتهاد فافتقر إلى من يبذل وسعه، ومن يبلغ بعلمه واحاطته تغطية عناصر النزاع، ومن هنا افتقر أمر الفسخ إلى الحاكم كما يفتقر فسخ النكاح بالعيب إليه.

قال ابن قدامة في المغنى:

ويحتمل ان يقف الفسخ على الحاكم، وهو ظاهر مذهب الشافعي، لان العقد صحيح وأحدهما ظالم، وانما يفسخه الحاكم لتعذر امضائه في الحكم،


(١) كانت مصر والشام والحجاز واليمن يحكمها سلطان واحد مقره في القلعة بمصر وله نائب على دمشق ونائب علن حلب ونائب على الحجاز ونائب على اليمن وذلك على عهد المماليك الايوبيه وهم أبناء قلاوون.

<<  <  ج: ص:  >  >>