للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالمذهب أنه لا يضمن، لانه زاده في الحرز، ومن أصحابنا من قال: يضمن، لانه نبه اللص عليه وأغراه به.

(فصل)

وان عين له الحرز فقال احفظها في هذا البيت فنقلها إلى ما دونه ضمن لان من رضى حرزا لم يرض بما دونه وإن نقلها إلى مثله أو إلى ما هو أحرز منه لم يضمن، لان من رضى حرزا رضى مثله وما هو أحرز منه، وإن قال له احفظها في هذا البيت ولا تنقلها فنقلها إلى ما دونه ضمن، لانه لم يرض بما دونه وإن نقلها إلى مثلها أو إلى ما هو أحرز منه فَفِيهِ وَجْهَانِ.

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ: لَا يضمن لانه جعله في مثله، فأشبه إذا لم ينهه عن النقل.

وقال أبو إسحاق: يضمن لانه نهاه عن النقل فضمنه بالنقل، فإن خاف عليه في الحرز المعين من نهب أو حريق نظرت، فإن كان النهى مطلقا لزمه النقل ولا يضمن، لان النهى عن النقل للاحتياط في حفظها، والاحتياط في هذا

الحال أن تنقل، فلزمه النقل، فإن لم ينقلها حتى تلفت ضمنها لانه فرط في الترك وإن قال: له لا تنقل وإن خفت عليها الهلاك فنقلها لم يضمن، لانه زاده خيرا وان تركها حتى تلفت ففيه وجهان.

قال أبو العباس وأبو إسحاق: لا يضمن، لان نهيه مع خوف الهلاك أبرأ من الضمان وقال أبو سعيد الاصطخرى: يضمن لان نهيه عن النقل مع خوف الهلاك لا حكم له، لانه خلاف الشرع، فيصير كما لو لم ينهه، والاول أظهر، لان الضمان يجب لحقه فسقط بقوله: وان خالف الشرع كما لو قال لغيره: اقطع يدى أو أتلف مالى.

(الشرح) قوله: الحرز المكان الذى يحفظ فيه والجمع أحراز مثل حمل وأحمال، وأحرزت المتاع جعلته في الحرز، ويقال: حرز حريز للتأكيد، كما يقال: حصن حصين واحترز من كذا أي تحفظ وتحرز مثله، ومنه قولهم: أحرز قصب السبق، إذا سبق إليها فضمها دون غيره.

أما الاحكام فإن الوديع إذا لم يعين له رب الوديعة المكان الذى يحفظها فيه، عليه أن يجتهد في حفظها بما يحفظ به مثلها، فإذا اشترط عليه أن يحفظها في

<<  <  ج: ص:  >  >>