للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا أبرأه المودع من الضمان، أو أذن له في حفظها بعد ذلك فوجهان.

أحدهما وهو ظاهر قول الشافعي: يبرأ من الضمان، لان الضمان وجب لحقه فسقط باسقاطه له.

والثانى: لا يبرأ حتى يردها على ربها لان الابراء لا يكون الا عن حق في الذمة فلم يصح.

قال المصنف رحمه الله تعالى

(فصل)

إذا اختلف المودع والمودع فقال أودعتك وديعة وأنكرها المودع فالقول قوله، لما روى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَوْ أَنَّ الناس أعطوا بدعاويهم لادعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه والبينة على من أنكر " ولان الاصل أنه لم يودعه فكان القول قوله.

(فصل)

وان ادعى أنها تلفت نظرت، فإن ادعى التلف بسبب ظاهر كالنهب والحريق لم يقبل حتى يقيم البينه على وجود النهب والحريق، لان الاصل أن لا نهب ولا حريق، ويمكن إقامة البينة عليها، فلم يقبل قوله من غير بينة فان أقام البينة على ذلك أو ادعى الهلاك بسبب يخفى فالقول قوله مع اليمين أنها هلكت، لان الهلاك يتعذر إقامة البينة عليه، فقبل قوله مع يمينه.

(فصل)

وإن اختلفا في الرد فالقول قوله مع يمينه، لانه أخذ العين لمنفعة المالك فكان القول في الرد قوله، وإن ادعى عليه أنه أودعه فأنكر الايداع

فأقام المودع بينة بالايداع فقال المودع: صدقت البينه أودعتني، ولكنها تلفت أو رددتها لم يقبل قوله، لانه صار خائنا ضامنا فلا يقبل قوله في البراءة بالرد والهلاك، فإن قال: أنا أقيم البينة بالتلف أو الرد ففيه وجهان

(أحدهما)

أنها تسمع، لانه لو صدقه المدعى ثبتت براءته، فإذا قامت البينه سمعت

(والثانى)

لا تسمع، لانه كذب البينة بإنكاره الايداع، فأما إذا ادعى عليه أنه أودعه فقال: ماله عندي شئ فأقام البينه بالايداع فقال: صدقت البينه أودعتني، ولكنها تلفت أو رددتها قبل قوله مع اليمين لانه صادق في إنكاره أنه لا شئ عنده، لانها إذا تلفت أو ردها عليه لم يبق له عنده شئ والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>