(الشرح) العقد له ظاهر وهو الايجاب والقبول والتقابض من الماديات الظاهرة أما الباطن فهو التقاء ارادة كل من المتبايعين، ووجود العلم بحقيقة النزاع ولكن في ضمير كل منهما.
ومن هنا إذا انفسخ العقد بصورة مما أسلفنا فهل ينفسخ ظاهرا وباطنا؟ أم ظاهرا فقط؟ على ثلاثة أوجه عند الشافعية، ووجهان عند أصحاب أحمد، ووجه عند أحمد.
أولها: ينفذ الفسخ ظاهرا وباطنا بهذا التحالف، كفسخ النكاح باللعان.
ولانه فسخ بيع لاستدراك الظلامة فوقع ظاهرا وباطنا وهو كالر بالعيب.
أو فسخ عقد بالتحالف.
وهذا الوجه هو ظاهر كلام أحمد بن حنبل.
ثانيها: ينفذ الفسخ في الظاهر دون الباطن لان سبب الفسخ هو الجهل بالثمن والثمن معلوم في ضميرهما مجهول في الظاهر.
ولان انفساخ العقد سببه الجهالة بالثمن.
ولان الجهالة قاصرة على الظاهر دون الباطن انحصر الانفساخ في ظاهر العقد واختص البطلان بالظاهر.
وكان العقد في الباطن صحيحا.
وكان القاضى الذى يحاسب المتبايعين على هذا التحالف والنزاع هو الله رب العالمين.
وكأى عقد من العقود التى في ذمة المسلم واجبة الوفاء يكون للعقد طرفان ظاهران وطرف آخر في الباطن يعلمه الذى لا تخفى عليه خافية.
ولقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " وهو الذى يتولى جزاء الناكثين والناقضين بغير حق يسوغ لهم النقض.
ولانه لو أراد أحد طرفي النزاع أن يوافق الآخر على رأيه ويتنازل عن دعواه.
فانهما لا يفتقران إلى عقد جديد أو ايجاب وقبول آخرين.
ومن هنا يتحرك العقد المنقدح من ضميرهما إلى تنفيذ وامضاء في الظاهر ولانه يحرم عليه أمام الله التصرف في المبيع ان كان ظالما لصاحبه.
وهذا الوجه هو وجه عند أصحاب أحمد أيضا.
قال أبو الخطاب من الحنابلة: ان كان البايع ظالما لم ينفسخ القد في الباطن لانه كان يمكنه امضاء العقد واستيفاء حقه فلا ينفسخ العقد في الباطن ولا يباح له التصرف في المبيع لانه غاصب.
فان كان المشترى ظالما انفسخ البيع ظاهرا وباطنا لعجز البايع عن استيفاء حقه.
فكان له الفسخ.
كما لو أفلس المشترى.