للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما القسم الاول وهو أن يبذل الغاصب قيمة المغصوب ويطالب المغصوب منه بغصبه ويمتنع من أخذ قيمته فالقول قول المغصوب منه ويجبر الغاصب على طلبه والتزام مئونته، لان المالك لا يجبر على إزالة ملكه وأما القسم الثاني وهو أن يطلب المغصوب منه قيمة غصبه ويمتنع الغاصب من بذلها ليرد الغصب بعينه فينظر: فإن كانت الغصب على مسافة قريبة يقدر على رده بعد زمان يسير فالقول قول الغاصب ولا يجبر على بذل القيمة، لان الشئ المغصوب مقدور عليه.

وإن كان على مسافة بعيدة لا يقدر على رده إلا بعد زمان طويل فالقول قول المغصوب منه ويجبر الغاصب على بذل القيمة له ليتعجل ما استحقه عاجلا، فإذا أخذ القيمة وملكها ملكا مستقرا وملك الغاصب الغصب ملكا صريحا فليس للمغصوب منه أن يسترده، لانه وإن ملكه بالخيار ابتداء فلم يملكه انتهاء، والغاصب وإن لم يملكه بالخيار ابتداء فقد ملكه انتهاء، وقد استقر ملكه عليه.

الضرب الثاني: وهو أن يكون رده ممتنعا للجهل بمكانه فيؤخذ الغاصب جبرا بقيمته أكثر ما كانت من وقت الغصب إلى فوات الرد فإذا أخذها المغصوب منه ففى استقرار ملكه عليها وجهان لاصحابنا

(أحدهما)

أن ملكه عليها مستقر لفوات الرد والوجه الثاني: لا، لجواز القدرة على الرد، فإن وجد الشئ المغصوب بعد أخذ قيمته فقد اختلفوا في حكمه، فذهب الشافعي ومالك إلى أنه باق على ملك المغصوب منه يأخذه ويرد ما أخذ من قيمته.

وقال أبو حنيفة: يكون المغصوب ملكا للغاصب بما دفعه من قيمته ما لم يكونا

قد تكاذبا في قيمته، فإن كانا قد تكاذبا وأقر الغاصب بأقل منها وحلف عليها كان المغصوب منه أحق بالغصب حينئذ استدلالا بأن البدل إذا كان في مقابلة المبدل كان استحقاق البدل موجبا لتملك المبدل، كالبيع والنكاح لما استحق على المشترى الثمن تملك المثمن، ولما استحق على الزوج المهر ملك البضع.

كذلك الغاصب لما ملك المغصوب منه القيمة ملك الغاصب المغصوب، ولان الجمع بين البدل والمبدل مرتفع في الاصول وفى بقاء ملك المغصوب منه على الغصب بعد أخذ القيمة جمع بينه وبين بدله وذلك باطل، البائع لا يجوز له أن يجتمع له ملك

<<  <  ج: ص:  >  >>