وبين أن يسلمه إلى الغاصب ويرجع بجميع قيمته، وإذا تمزق الثوب وترضض الاناء حتى بلغ النقص جميع القيمة غرم القيمة وملك المرضوض والممزق استدلالا بأن لا يصير جامعا بين البدل والمبدل، قالوا ولان العين إذا ذهب أكثر منافعها صار الباقي منها ذاهب المنفعة فجاز له أن يرجع بجميع القيمة، ولان الاقل تبع للاكثر فلما كان غارما لاكثر المنافع وجب أن يكون غارما لاقلها.
دليلنا.
قوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " فإذا اعتدى باستهلاك بعضه لم يجز أن يقوى عليه باستهلاك كله، ولان ما لم يلزم غرم جميعه باستهلاك أكثره قياسا على النقص المتميز، ولان ما لم يكن تمييز بعضه موجبا لغرم جميعه لم يكن عدم تمييزه موجبا لغرم جميعه قياسا على النقص الاقل ولا يدخل على هاتين العلتين أطراف العبد كما نص عليه الماوردى في الحاوى.
فأما الجواب عن قولهم.
انه جمع بين البدل والمبدل فهو غير صحيح، لان المأخوذ بدل من المستهلك دون الباقي، فلم يكن جمعا بين البدل والمبدل، وأما الجواب عن قولهم.
ان الاقل تبع للاكثر، فهو أنه لو جاز أن يكون هذا دليلا على وجوب الاقل تبعا لسقوط الضمان في الاكثر، حتى لو أنه أتلف أقل المنافع لم يضمنها، لانه لم يضمن الاكثر فيها، وهذا قول مردود عندنا، فإذا ثبت وجوب أخذه وقدر نقصه قليلا كان النقص أو كثيرا، نفع الباقي منه أو لم ينفع نظر، فإن كان من غير جنس الاثمان ضمن نقص قدر قيمته، وان كان من جنس الاثمان فقد قال أبو حنيفة ليس له الرجوع بنقصه، وهو بالخيار بين تسليمه إلى الغاصب وأخذ قيمته كلها وبين امساكه ولا أرش، لان الاثمان مستحقة في الارش، فلم يجز أن يدخلها أرش، وهذا خطأ لان كل نقص دخل عوض
أو معوض استحق أرشه - ولم يجز مع امكان الارش أن يكون جزءا، وإذا كان هذا ضامنا ففى كيفية ضمانه وجهان على ما مضى.
(أحدهما)
يضمن اجزاء صنفه لا غير.
(والثانى)
يضمن قدر النقص من قيمته ذهبا ان كان من ورق وورقا ان كان من ذهب.