وأما الخبر الذى استدل به فيحمل على أن يكونوا قد أخذوا ذلك عن إذنهم من غير ثمن مقدر، ويحتمل أن يكون لتعذر مستحقه عن استبقاء الطعام لهم فأمرهم بذلك حفظا لقيمته على أربابه اه
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل)
وإن غصب شيئا فخلطه بمالا يتميز منه من جنسه، بأن غصب صاعا من زيت فخلطه بصاع من زيته، أو صاعا من الطعام فخلطه بصاع من طعامه، نظرت، فإن خلطه بمثله في القيمة فله أن يدفع إليه صاعا منه لانه
تعذر بالاختلاط عين ماله، فجاز أن يدفع إليه البعض من ماله والبعض من مثله وإن أراد أن يدفع إليه مثله من غيره وطلب المغصوب منه مثله منه، ففيه وجهان أحدهما وهو المنصوص أن الخيار إلى الغاصب، لانه لا يقدر على رد عين ماله، فجاز أن يدفع إليه مثله كما لو هلك، والثانى وهو قول أَبِي إِسْحَاقَ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أنه يلزمه أن يدفع إليه صاعا منه لانه يقدر أن يدفع إليه بعض ماله فلا ينتقل إلى البدل في الجميع كما لو غصب صاعا فتلف بعضه، وإن خلطه بأجود منه فإن بذل الغاصب صاعا منه لزم المغصوب منه قبوله، لانه دفع إليه بعض ماله وبعض مثله خيرا منه، وإن بذل مثله من غيره وطلب المغصوب منه صاعا منه ففيه وجهان.
أحدهما وهو المنصوص في الغصب.
أن الخيار إلى الغاصب لانه تعذر رد المغصوب بالاختلاط فقبل منه المثل.
والثانى.
أنه يباع الجميع ويقسم الثمن بينهما على قدر قيمتهما وهو المنصوص في التفليس، لانا إذا فعلنا ذلك أوصلنا كل واحد منهما إلى عين ماله، وإذا أمكن الرجوع إلى عين المال لم يلزم الرجوع إلى البدل، فإن كان ما يخص المغصوب منه من الثمن أقل من قيمة ماله استوفى قيمة صاعه ودخل النقص على الغاصب، لانه نقص بفعله فلزمه ضمانه وعلى هذا الوجه ان طلب المغصوب منه أن يدفع إليه من الزيت المختلط بقدر قيمة ماله ففيه وجهان، أحدهما، لا يجوز، وهو قول أبى اسحق لانه يأخذ بعض صاع عن صاع وذلك ربا والثانى انه يجوز لان الربا انما يكون في البيع