للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قياسا على المزارعة.

والفرق بين صيد الصياد ونتاج الماشية أن حدوث النتاج من أعيانها فكان لمالكها دون عالفها وحصول الصيد بفعل الصياد فكان له دون مالك الشبكة في رأى الماوردى وكان لمالك الشبكة حتى لا يضيع تعب العامل إذا لم تخرج الشبكة صيدا في رأى السبكى وعلى صاحبها أجر مثله، وعلى هذا لو دفع سفينة إلى ملاح ليعمل فيها بنصف كسبها لم يجز، وكان الكسب للملاح لانه بعمله وعليه لمالك السفينة أجرة المثل، وهذه الاصول من أعظم ما تتميز به شريعتنا الالهية من حماية العامل وجهده وكسبه، وهى السمات الظاهرة المشرقة المشرفة في مجتمع مسلم يقوم على الاسلام.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(فصل)

ولا يجوز إلا على جزء من الربح معلوم، فان قارضه على جزء مبهم لم يصح، لان الجزء يقع على الدرهم والالف فيعظم الضرر، وإن قارضه على جزء مقدر كالنصف والثلث جاز، لان القراض كالمساقاة، وقد ساقى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ خيبر على شطر ما يخرج من تمر وزرع، وان قارضه على درهم معلوم لم يصح، لانه قد لا يربح ذلك الدرهم فيستضر العامل، وقد لا يربح إلا ذلك الدرهم فيستضر رب المال.

وإن قال قارضتك على أن الربح بيننا ففيه وجهان

(أحدهما)

لا يصح لانه مجهول، لان هذا القول يقع على التساوى وعلى التفاضل

(والثانى)

يصح لانه سوى بينهما في الاضافة فحمل على التساوى، كما لو قال: هذه الدار لزيد وعمرو.

وإن قال قارضتك على أن لى نصف الربح ففيه وجهان

(أحدهما)

يصح ويكون الربح بينهما نصفين، لان الربح بينهما، فإذا شرط لنفسه النصف دل على أن الباقي للعامل

(والثانى)

لا يصح وهو الصحيح، لان الربح كله لرب المال بالملك، وإنما يملك العامل جزءا منه بالشرط ولم يشرط له شيئا فبطل

وإن قال قارضتك على أن لك النصف ففيه وجهان

(أحدهما)

لا يصح، لانه لم يبين ما لرب المال

(والثانى)

يصح، وهو الصحيح، لان ما لرب المال لا يحتاج إلى شرط، لانه يملكه بملك المال، وانما يحتاج إلى شرط ما للعامل،

<<  <  ج: ص:  >  >>