أربعين سنة حتى حدثنا رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن المخابرة.
وهذا يمنع انعقاد الاجماع ويدل على نسخ حديث ابن عمر لرجوعه عن العمل به إلى حديث رافع.
(قلت) هذا الكلام فيه نظر، لانه لا يجوز حمل حديث رافع على مخالفة الاجماع، ولا حديث ابن عمر، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يزل يعامل أهل خيبر حتى مات ثم عمل به الخلفاء من بعده، ثم من بعدهم، فكيف يتصور نهى الرسول عن شئ ثم يخالفه؟ أم كيف يعمل بذلك في عهد الخلفاء ولم يخبرهم من سمع النهى وهو حاضر معهم وعالم بفعلهم فلم يخبرهم.
قال ابن قدامة: فلو صح خبر رافع لوجب حمله على ما يوافق السنة والاجماع وعلى أنه قد روى في تفسير خبر رافع عنه ما بدل على صحة قولنا، فروى البخاري بإسناده قال: كنا نكرى الارض بالناحية منها تسمى لسيد الارض، فربما يصاب ذلك وتسلم الارض، وربما تصاب الارض ويسلم ذلك فنهينا.
فأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ، روى تفسيره أيضا بشئ غير هذا من أنواع الفساد وهو مضطرب جدا وسئل أحمد بن حنبل عن حديث رافع فقال: رافع روى عنه في هذا ضروب قال الاثرم كأنه يرى أن اختلاف الروايات عنه يوهن حديثه، وقال طاوس: إن أعلمهم - يعنى ابن عباس - أخبر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ ينه عنه ولكن قال " لان يمنح أحدكم أخاه أرضه خير من أن يأخذ عليها خراجا معلوما " متفق عليه وأنكر زيد بن ثابت حديث رافع عليه، وكيف يجوز نسخ أمر فعله النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات وهو يفعله ثم أجمع عليه خلفاؤه وأصحابه بعد بخبر لا يجوز العمل به ولو لم يخالفه غيره، ورجوع ابن عمر إليه يحتمل أنه رجع عن
شئ من المعاملات الفاسدة التى فسرها رافع في حديثه.
وأما غير ابن عمر فقد أنكر على رافع ولم يقبل حديثه وحمله على أنه غلط في روايته والمعنى يدل عليه.
فإن كثيرا من اصحاب النخيل والكروم يعجزون عن سقيه والقيام على شئونه، وقال الماوردى في الحاوى: والمساقاة في تسميتها ثلاثة تأويلات، أحدها أنها