عليه غرر العين الغائبة صعب احتماله فبطل فيه، وإذا لم يكن يجوز إلا على معين مشاهد - فإن كانت عند عقد المساقاة مثمرة - فقد قال المزني: إن كان ذلك قبل بدو الصلاح جاز.
وإن كان بعده لم يجز.
وقال أبو ثور: إن احتاجت إلى القيام بها حتى يطيب جاز، وإن لم تحتج لم يجز.
وقال أبو يوسف ومحمد: إن كانت تزيد جاز، وإن لم تزد لم يجز.
فأما الشافعي فقد حكى عنه في الاملاء جوازه من غير تفصيل، لانه لما جازت المساقاة على ثمرة معدومة كان جوازها بالمعلومة أولى، ولعل هذا على قوله في الام إنه أجير، والمشهور من مذهبه والاصح على أصله أن المساقاة باطلة بكل حال.
وقد حكى البويطى ذلك عنه نصا كما أشار إليه الماوردى، لان علة جوازها عنده أن لعمله تأثيرا في حدوث الثمرة، كما أن لعامل المضاربة تأثيرا في حصول الربح، ولو حصل ربح المال قبل عمل العامل لم يكن له فيه حق، كذلك المساقاة، فلو ساقاه على النخل المثمرة على ما تحدث من ثمرة العام المقبل لم يجز لانه قد يتعجل العمل فيها استصلاحا لثمرة قائمة من غير بدل.
(فرع)
فإذا ثبت أن المساقاة عقد لازم فإنها لا تجوز إلا على مدة معلومة وهذا الشرط هو أحد الشروط الاربعة أن يكون النخل معلوما، وأن يكون نصيب العامل من الثمرة معلوما مدة تكون لهما معلومة.
وأن يعقد بلفظ المساقاة وقال بعض أصحاب الحديث: يجوز اطلاقها من غير تقدير بمدة محددة، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يقدر لاهل خيبر مدة.
وقال أبو ثور: إن قدر مدة لزمت إلى انقضائها، وإن لم يقدر مدة صحت وكانت على سنة واحدة، وكلا القولين خطأ عندنا، فإذا كانت المدة المعلومة
شرطا فيها فأقلها مدة تطلع فيها الثمرة وتستغني عن العمل، ولا يجوز أن يقدرها بذلك حتى يقدرها بالشهور التى قد أجرى الله تعالى العادة بأن الثمار تطلع فيها طلوعا متناهيا، فإن تأخر طلوعها فيها بحادث أطلعت بعد تقضيها فعلى الاصح من المذهب في أن العامل شريك تكون بينهما، وإن انقضت المدة، وإن استحق الثمرة إلا فيما اخنص بالثمرة من تأبير وتلقيح إن قيل بأن العامل أجير فلا حق