وقال: أما الرجل يؤاجر نفسه فالاجارة تجوز معينا، وفى الذمة، فإن أجره معينا فلا بد أن تكون المنفعة معلومة بأحد أمرين بتقدير العمل أو المدة، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى:
(فصل)
وما عقد من الاجارة على منفعة موصوفة في الذمة يجوز حالا ومؤجلا في الذمة كالسلم، والسلم يجوز حالا ومؤجلا، فكذلك الاجارة في الذمة وإن استاجر منفعة في الذمة وأطلق وجبت المنفعة حالة، كما إذا أسلم في شئ واطلق وجب حالا، فان استأجر رجلا للحج في الذمة لزمه الحج من سنته، فإن أخره عن السنة نظرت، فان كانت الاجارة عن حى كان له أن يفسخ، لان حقه تأخر، وله في الفسخ فائدة، وهو أن يتصرف في الاجرة، فإن كانت عن ميت
لم يفسخ، لانه لا يمكن التصرف في الاجرة إذا فسخ العقد، ولابد من استئجار غيره في السنة الثانية، فلم يكن للفسخ وجه، وما عقد على منفعة معينة لا يجوز إلا حالا، فإن كان على مدة لم يجز إلا على مدة يتصل ابتداؤها بالعقد، وإن كان على عمل معين لم يجز الا في الوقت الذى يمكن الشروع في العمل لان إجارة العين كبيع العين وبيع العين لا يجوز الا على ما يمكن الشروع في قبضها فكذلك الْإِجَارَةِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحُجُّ لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ التَّوَجُّهِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ قَرِيبٍ لَمْ يَجُزْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، لِأَنَّهُ يَتَأَخَّرُ اسْتِيفَاءُ المعقود عليه عن حال العقد، وإن كان فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ لَا يُدْرِكُ الْحَجَّ إلَّا أَنْ يَسِيرَ قَبْلَ أَشْهُرِهِ لَمْ يَسْتَأْجِرْ إلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَتَوَجَّهُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الشروع في الاستيفاء، فإن قال أجرتك: هذه الدار شهرا لم يصح.
لانه ترك تعيين المعقود عليه في عقد شرط فيه التعيين، فبطل كما لو قال: بعتك عبدا، فإن أجر دارا من رجل شهرا من وقت العقد ثم أجرها منه الشهر الذى بعده قبل انقضاء الشهر الاول، ففيه وجهان.
(أحدهما)
لا يصح، لانه اجارة منفعة معينة على مدة متأخرة عن العقد، فأشبه إذا أجرها من غيره.