قال الرافعى: فإن نَزَلَ مَا ذَكَرُوهُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ ارْتَفَعَ الخلاف، وإن على الثاني هان امره.
قوله (لانه اجارة منفعة معينة على مدة متأخرة) قال النووي في المنهاج: ولا تجوز اجارة عين لمنفعة مستقبلة.
اه وذلك كإجارة هذه الدار السنة المستقبلة أو سنة أولها من غد، وكذا ان قال أولها من أمس، وكإجارة أرض مزروعة لا يمكن تفريغها الا بعد مدة لمثلها أجرة، وذلك كما لو باعه عينا على ان يسلمها له بعد ساعة بخلاف اجارة الذمة كما مر، ولو قال وقد عقد آخر النهار: اولها يوم تاريخه لم يضر لان القرينة ظاهرة في أن المراد باليوم الوقت أو في التعبير باليوم عن بعضه، ويستثنى من المنع في المستقبلة صور، كما لو أجره ليلا ليعمل نهارا.
وهذا عرف شائع في ديارنا ابان الحصاد وجنى القطن ونقاوة الدودة وشتل الارز وتعفير الطماطم بالكبريت قبل جفاف الندى.
ومثله اجارة دار بغير بلد المتعاقدين، كمن يستأجر عشة برأس البر ليصطاف فيها فأجرها قبل الصيف لان استيفاء العقد لا يكون الا صيفا، وإذا لم يؤجرها فاته الانتفاع بمقصوده.
فلو آجر الشهر الثاني لمستأجر الشهر الاول أو السنة الثانية لمستأجر السنة الاولى قبل انقضائها جاز في الاصح لاتصال المدتين مع اتحاد المستأجر، كما لو آخر منه السنتين في عقد، ولا نظر إلى احتمال انفساخ العقد الاول لان الاصل عدمه، فان وجد ذلك لم يقدح في الثاني.
(فرع)
في جواز الوارث ما آجره الميت من المستأجر تردد.
أفاد شمس الدين الرملي أن الاقرب منه الجواز لانه نائبه.
وقال الزركشي: أنه الظاهر، وهذا إذا لم يحصل فصل بين السنين، والا فلا يصح، وهذا يشمل الطلق والوقف، نعم لو شرط الواقف أن لا يؤجر الوقف أكثر من ثلاث سنين فأجره الناظر ثلاثا في عقد آخر قبل مضى المدة فالمعتمد كما افتى به ابن الصلاح ووافقه السبكى والاذرعى وغيرهما عدم صحة
العقد الثاني.
وان قلنا بصحة اجارة الزمان القابل من المستأجر اتباعا لشرط الواقف، لان المدتين المتصلتين في العقدين في معنى العقد الواحد.