فإذا تقرر أن عقد الاجارة من العقود اللازمة، وأن فسخه بالعذر غير جائز فلا يجوز اشتراط الثلاث فيه، وقال أبو حنيفة: يجوز اشتراط الخيار فيه كما يجوز في البيع لانهما معا من عقود المعاوضات.
ودليلنا: هو ان ما لزم من عقود المنافع لم يصح اشتراط الخيار فيه كالنكاح ولان اشتراط الثلاثة يتضمن اتلاف بعض المعقود عليه فيما ليس متابع للمعقود
عليه مع بقاء العقد في جميعه فلم يصح، كما لو شرط في ابتياع جوادين أنه ان تلف أحدهما في يد البائع لم يبطل البيع.
ولان المعقود إذا لم يبق جميعه في مدة الخيار لم يصح اشتراط الخيار قياسا على بيع الطعام الرطب.
فإذا صح ان خيار الشرط لا يدخله فقد اختلف أصحابنا هل يدخله خيار المجلس ام لا؟ على وجهين.
(احدهما) يدخله كالبيع لكونهما عقدى معاوضة.
فعلى هذا ان أخرها المؤجر من غير المستأجر في خيار المجلس صحت الاجارة الثانية وكان ذلك فسخا للاجارة الاولى.
هكذا أفاده الماوردى.
وقال بعض أصحابنا: تفسخ الاجارة الاولى ولا تصح الاجارة الثانية لتقدم الفسخ.
لانه لا يصير الفعل الواحد فسخا وعقدا لتنافيهما.
ولهذا القول وجه فإن كان المذهب هو ان استقرار العقد الثاني يوجب فسخ العقد الاول بالتأهب الثاني.
وعلى هذا الوجه لو أخره المستأجر كانت اجارته باطلة سواء قبضه أو لم يقبضه.
لان خيار المؤجر يمنع من امضاء المستأجر.
وعلى هذا الوجه لو افترقا عن تراض لم يكن للمستأجر أن يؤجر قبل قبضه كما ليس للمشترى بيع ما لم يقبضه (والوجه الثاني) ان خيار المجلس لا يدخله.
ويصير العقد بالبذل والقبول لازما.
لان خيار المجلس يفوت بعض المدة فاشبه خيار الشرط.
فعلى هذا لو أجره المؤجر قبل الافتراق أو بعده لم يجز.
ولو آجره المستأجر.
فان كان بعد القبض جاز.
وان كان قبله؟ فعلى وجهين.
(أحدهما)
يجوز لمفارقته البيع في الخيار ففارقه في القبض.
(الوجه الثاني) لا يجوز لكون المنفعة مضمونه على المستأجر فأشبه ضمان